للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

أرى دارنا ليْسَتْ بدارِ إقامَةٍ ... أرَدْنا ثواءً عنْدَها وهيَ في ظعَنْ

فكمَ سكن الدُّنْيا ملوك أَعِزَّةٌ ... تفانوا فلم تَسْتَبْقِ منهم لها سكنْ

وكمْ في الثَّرى دَسَّتْ جَبينَ مُتَوَّجٍ ... فأصبحَ بالأقدامِ يُوطا ويُمْتَهَنْ

وذي جُنَّةٍ كانت تقيه منَ الرَّدى ... أتاه الرَّدى فاعْتاض منها ثرى الجَنَنْ

وكالصَّقرِ فوْقَ السابِقاتِ اعْتَضَتْ به ... أعَاليَ أعْوادٍ منَ النَّعْشِ فارْجَحَنْ

ومنْ ضاقَتِ الدُّنْيا به وبِجَيْشِه ... طوتْ شخْصَهُ في قيْدِ شبْرٍ من الكفنْ

ومحْتَجِبٍ لا يخرقُ الإذْنُ حُجْبَه ... ولَجْنَ مناياهُ عليه وما أَذِنْ

وذي حرَسٍ لا يَغْفَلُونَ احتراسهُ ... رمَتْهُ فلم يُنْصَرْ عليها ولم يُعنْ

وماسحِ عِطْفيهِ منَ الدَّرنِ انبرَتْ ... لَهُ الدُّودُ أكْلاً فانْثنى دَرَنَ الدَّرَنْ

وذي أَمَلٍ منْ دُونِه أجَلٌ لَهُ ... غَدَا شرَكاً ما كانَ قبلُ له وسَنْ

فما أَعْثَرَ الآمالَ في أجلِ الفتى ... وأقربَ أيَّامَ السرورِ من الحزَنْ

عفاءٌ على الدنْيا فإنَّ نعيمَها ... كأَضْغاثِ أحلامٍ تلَذُّ بلا وسنْ

فبَيْنا الفتى في ظلِّها إذْ تقَلَّبَتْ ... بهِ فاتَّقَتْهُ وهيَ قالِبَةُ المجَنْ

لعَمْركَ إنِّي قدْ حزنْتُ فلمْ أَهِنْ ... وكُنْتُ جديرَ الرُّزْءِ بالحُزْنِ والوَهَنْ

دَهَتْني المَنَايا في أبي حَكَمٍ أبي ... ومنْ قبْلُ وارَيْتُ الشَّقيقَ أبا الحَسَنْ

فيالَكُما بدْريْ علاء تساقطا ... وكانا سنا عيْني وأسْناهُما الأسنْ

تَضَمَّنَ شَوَّالُ مناياهُما معاً ... فبينَهُما حوْلٌ وفَقْدَُهُما قَرَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>