للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاسدهم، فإن ذلك من فعلك بهم يورثك العزّة، ويقدّمك فى الفضل، ويبقى لك لسان صدق فى العاقبة (١)، ويحرز لك ثواب الآخرة، ويردّ عليك عواطفهم المستنفرة منك، وقلوبهم المتنحيّة (٢) عنك.

قس (٣) بين منازل أهل الفضل فى الدين والحجا والرأى والعقل والتدبير والصّيت فى العامة، وبين منازل أهل النّقص فى طبقات الفضل وأحواله، والخمول عند مباهاة النسب (٤)، وانظر بصحبة أيّهم تنال من مودّته الجميل، وتستجمع لك أقاويل العامّة على التفضيل، وتبلغ درجة الشرف فى أحوالك المتصرّفة بك، فاعتمد عليهم مدخلا لهم فى أمرك، وآثرهم بمجالستك لهم مستمعا منهم، وإياك وتضييعهم مفرّطا، وإهمالهم مضيّعا.

هذه جوامع خصال قد لخّصها لك أمير المؤمنين مفسّرا، وجمع لك شواذّها (٥) مؤلّفا، وأهداها إليك مرشدا، فقف عند أوامرها، وتناه عن زواجرها، وتثبّت فى مجامعها، وخذ بوثائق عراها، تسلم من معاطب الرّدى، وتنل أنفس الحظوظ، ورغيب (٦) الشرف، وأعلى درج الذّكر، وتؤثّل سطوة العز (٧)، والله يسأل لك أمير المؤمنين حسن الإرشاد، وتتابع المزيد، وبلوغ الأمل، وأن يجعل عاقبة ذلك بك إلى غبطة يسوّغك إياها، وعافية يحلّك أكنافها، ونعمة يلهمك شكرها، فإنه الموفّق للخير، والمعين على الإرشاد، منه تمام الصالحات، وهو مؤتى الحسنات، عنده مفاتيح الخير وبيده الملك، وهو على كل شىء قدير.


(١) فيه «فى العامة».
(٢) فيه «المستجنة».
(٣) فيه «فبين».
(٤) فيه «والجمود عند مناها بأهل الحسب ونظر فصيحة أمهم تنال مودة الجميع» والعبارة محرفة.
(٥) فيه «شواهدها» والأولى أصح وأنسب لقوله «مؤلفا».
(٦) فيه «ومزية الشرف» والرغيب: المرغوب فيه.
(٧) وردت هذه الجملة فى صبح الأعشى، هكذا «وتأثل سطر العز» مع علامة توقف، وقد صلحتها كما ترى، وأثله: أصله وقواه.

<<  <  ج: ص:  >  >>