إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليمًا.
أما بعد: فإن الله عز وجل ابتعث محمدًا رسوله صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة، وأنزل عليه الكتاب تبيانًا لكل شيء، وجعله موضع الإبانة عنه، فقال تعالى:{وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم}[النحل: ٤٤]، وقال تعالى:{وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه}[النحل: ٦٤]، فقام بذلك صلوات الله وسلامه عليه خير قيام، فما قبضه الله تعالى إليه حتى جعل أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، ولم يزل الحديث النبوي صافيًا نقيًا لا يعتريه الكذب، ولا يتناوله التحريف والتلفيق، حتى وقع ما وقع من الفتن والبدع والجهل، فألصقت بالسنة أحاديث ليست منها، ولكن -ولله الحمد والمنة- قد تكفل الله عز وجل بحفظ دينه وشريعته بقوله تعالى:{إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}[الحجر: ٩] فقيض الله سبحانه وتعالى الصحابة والتابعين ومن بعدهم من السلف الصالح بحفظ السنة ; تارة بالتثبت في