الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، لقد جاءت رسل ربنا بالحق، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تحط الآثام، وتكفر الهفوات والأجرام، وتمحو موجبات النقم، وتزيد مواهب النعم. ونصلي على رسوله سيدنا محمد المصطفى، حبيب الله الممجد أرسله بالهدى بجوامع كلمه المنجية عن الردى، صلاة موجبة لرفع الدرجات وتوفيق الطاعات، ونمو الخيرات وصعود الطيبات، وقبول الصالحات، وعلى جميع صحبه المبلغين لكلماته، والمبينين لأنواره الهادين المهديين وآله وأهل بيته، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وآلهم أجمعين، وعلى جميع ملائكته المقربين، والكرام السفرة وحملة العرش والكروبين، ونسلم عليهم أجمعين.
أما بعد فإن علم الحديث لا يخفى آثاره، فالصبح لا تنكر أنواره، فإن فوائده ومزاياه بحار لا ساحل لها، وخواص جواهره وفضائل معانيه كنوز ليس لها منتهى، إذ هو كلام من أعطي جوامع الكلم، وبلاغ من أوتي مواهب الحكم، وخطاب أفضل من أوتي الحكمة وفصل الخطاب، فلا يبلغ كنه ذخائر أسراره إلا الموفق من ذوي البصيرة والألباب، كيف وهو كلام من لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، علمه شديد القوى، ولذا تصدى لحل غرائبه جماهير علماء السلف، وتعرض لشرح بدائعه ولطائفه جهابذة فضلاء الخلف، وانتدب لإبراز كنوز درر لطائفه الفضلاء الفحول، وانتهض لاستخراج علل الفروع الفقهية منه أئمة