الحكم به بعد دعوى صحيحة وهذا هو التنفيذ الشرعي فارجع إليه، ولا يشترط فيه إحضار شهود الأصل بل تكفي الشهادة على الحكم عند القاضي. قال البزازي: حكم على رجل بمال وسجل ثم مات القاضي وأحضر المدعي المحكوم عليه عند قاض آخر وبرهن على قضاء الأول أجبره الثاني على أداء المال إن كان الحكم الأول صحيحًا ولو قال الشهود: إن القاضي الأول غير عدل لا يمضي الثاني قضاؤه انتهى.
وفي لو ارتاب القاضي في حكم الأول له أن يطلب شهود الأصل، ولم أجد لغيره (إلا أن يخالف الكتاب) ببيان لشرط الاجتهاد كالقضاء بلزوم ثمن متروك التسمية عمدًا فإنه مخالف لظاهر قوله تعالى: {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه}[الأنعام: ١٢١] بناء على أن الواو في قوله وإنه لفسق للعطف، والضمير راجع إلى مصدر الفعل الذي دخل عليه حرف النهي أو إلى الموصل على معنى، وإن أكله لفسق أو جعل ما لم يذكر اسم عليه من نفسه فسقًا، كذا في (الكشاف) واحتمال كونها حالية فيكون قيدًا للنهي عن أكل ما لم يذكر اسم الله عليه كالميتة وما ذكر اسم الله تعالى رد بأن التأكيد بأن واللام ينفيه سلمناه، لكن لا نسلم التأكيد للنهي بل إشارة إلى معنى الموجب له كلا نشرب الخمر وهو حرام وبهذا ظهر ضعف ما في (الخلاصة) من أن القضاء به جائز عندهما خلافًا لأبي يوسف.
(والسنة المشهورة) كالقضاء بشاهد ويمين فإنه مخالف للحديث المشهور أعني قوله - صلى الله عليه وسلم -: (البينة على المدعي واليمين على من أنكر)، وقيد بالمشهورة احتراز عن الغريب، كذا في (الشرح) ولابد ههنا من تقييد الكتاب بأن لا يكون قطع الدلالة وتقييد السنة بأن تكون مشهورة أو تكون متواترة غير قطعية الدلالة وإلا فمخالفة المتواترة من كتاب أو سنة إذا كان قطعي الدلالة كفر كذا في (التلويح).
وأما إذا وقع الخلاف في أنه قول فلابد أن يترجح أحد القولين بثبوت دليل التأويل فيقطع الاجتهاد في بعض أفراد هذا القسم مما سوغ فيه الاجتهاد أم لا، كذا في (الفتح) وظاهر كلامهم يعطي أن آية التسمية على الذبيحة لا تقبل التأويل بل هي نص في المدعى فيه نظر يظهر مما مر، (والإجماع) وهو ما ليس فيه خلاف يستند إلى دليل شرعي، وغير المستند يسمى خلافًا لا اختلافًا، قال في (الهداية): والمعتبر الاختلاف في الصدر الأول انتهى، وعليه فرع بعضهم أن للقاضي أن يبطل ما قضى به المالكي والشافعي برأيه وإنما ينفذه إذا كان قول أحدهما موافقًا لقول