للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يستخلف قاض إلا أن يفوض إليه ذلك

ــ

فيما علمنا فوجب صرف ألفاظه إلى ما تعارفوه، وإذا كان هذا المعنى لم يخطر ببال واقف ولم يسر ذهنه إليه وإنما أراد من الشاهد الكامل فكيف يصرف لفظه إلى غير مراده؟ وقد قال شيخ الإسلام عبد البر في شرح (الوهبانية): ينبغي ترجيح رواية دخول أولاد البنات فيما لو وقف على ذريته لأن عرفهم عليه ولا يعرفون غيره ولا يسري إلى أذهانهم غالبًا سواه فاعتبر عرفهم وقال: فيما لو وقف على ولده وولد ولده ينبغي أن تصح رواية دخول أولاد البنات أيضًا قطعًا لأن فيها نص محمد عن أصحابنا، وقد انضم إلى ذلك أن الناس في هذا الزمان لا يفهمون سوى ذلك ولا يقصدون غيره وعليه عملهم وعرفهم انتهى. وهذا برهان بين لما ادعيناه فوجب الحكم مقتضاه، وإذا عرف هذا فتقريرها في شهادة وقف ابتداء غير صحيح والله الموفق.

وفي (الخلاصة) لو قضت في الحدود والقصاص فدفع إلى قاض آخر فأمضاه ليس لغيره أن يبطله انتهى، (ولا يستخلف قاض) أي: لا يصح استخلافه ولو كان مريضًا لأنه فوض إليه القضاء دون التقليد فصار كالوكيل ليس له أن يوكل إلا بإذن، فإذا عقد بحضرة موكله فأجازه صح أي الوكيل بالبيع والنكاح، أما الوكيل بالطلاق والعتاق إذا أجازا وحضر لم يصح لأن المقصود عبارته، كذا في (المنية).

(إلا أن يفوض إليه ذلك) فيصح استخلافه ويصير الثاني عن السلطان حتى لا يملك الأول عزله إلا إذا قال له السلطان: ولٍّ من شئت واستبدل من شئت، أو جعلتك قاضي القضاة لأنه الذي يتصرف فيهم تقليدًا أو عزلًا، كذا في (الفتح) وإذا استخلف من لم يفوض إليه ذلك فقضى الثاني بمحضر من الأول أو بغير محضره إلا أنه أجازه جاز، كالوكيل إذا وكل مع عدم الإذن بشرط أن يكون الخليفة أهلًا للقضاء لا رقيقًا ولا محدودًا في قذف ولا كافرًا، واعلم أن هذا قضاء فضولي ابتداء فيستفاد منه أن الفضولي بلا استخلاف لو قضى، وأجازه القاضي.

وفي (جامع الفصولين) لو كان له ولاية القضاء في كل يومين من كل أسبوع لا غير فقضى في التي لم تكن له ولاية القضاء فيها، فإذا جاءت التولية أجاز ما قضى جاز، وإطلاقه صحة الاستخلاف مع الإذن يفيد أنه لا فرق في الخليفة بين كونه موافقًا لمذهبه أو لا، وفي (البزازية) لو فوض إلى غيره ليقضي على مذهبه نفذ إجماعًا بقي استخلافه قبل وصوله إلى محل ولايته، وقد صرح الشهيد في شرح (أدب القاضي) للخصاف بأنه إنما يصير قاضيًا إذا بلغ الموضع الذي قلد/ فيه القضاء وفيه ينبغي للقاضي أن يقدم نائبه حتى يتعرف على أحوال الناس، ومقتضى الأول أنه لا

<<  <  ج: ص:  >  >>