إليه كتابي هذا من قضاة المسلمين وحكامهم فعند الإمام لا يجوز، والظاهر أن محمدًا منعه وجوزه أبو يوسف واستحسنه/ كثير من المشايخ، كذا في (الشرح). وفي (الخلاصة) وعليه عمل الناس اليوم، وفي (الفتح) وهو الوجه لأن إعلام المكتوب إليه وإن كان شرطًا فبالعموم يعلم كما يعلم بالخصوص وليس العموم من قبيل الإجمال والتجهيل فصار قصديته وتبعتيه سواء (لا) يبطل (بموت الخصم) بلا خلاف لقيام وارثه مقامه، وسواء كان تاريخ الكتاب قبل موت المطلوب أو بعده.
فرع
سمع الخصم بوصول الكتاب إلى قاضي بلدة فهرب إلى بلدة أخرى كان للقاضي المكتوب إليه أن يكتب إلى بلدة قاضي تلك البلدة بما ثبت عنده من كتاب القاضي، وكما جوزنا للأول الكتاب يجوز للثاني والثالث وهلم جرا، ولو أقام شاهدًا واحدًا عند القاضي وسئل أن يكتب بذلك كتابًا إلى قاض آخر فعل فإنه قد يكون له شاهد في محل المكتوب إليه، وهل يكتب القاضي بعلمه؟ ففي (الخلاصة) وهو كالقضاء بعلمه، وفي شرح (أدب القضاء) للخصاف وهو الأصح إلا أن التفاوت هنا هو أن القاضي يكتب بالعلم الحاصل قبل القضاء بالإجماع، كذا في (الفتح).
(وتقضي المرأة) أي: يصح قضاؤها (في غير حد وقود) أي: قصاص لما مر من أن أهله أهل الشهادة ولا شك في جواز شهادتها في غير ما ذكر فكذا قضاؤها إلا أن توليها إثم لخبر البخاري (خاب قوم ولو أمرهم امرأة). والظاهر أن الخنثى المشكل كالمرأة هنا وإخبار الشارع بنقصان عقلها لا يفيد أهليتها بالكلية، ألا ترى أنها تصلح شاهدة وناظرة في الأوقاف ووصية على اليتامى؟ ثم هو منسوب إلى الجنس فجاز في المفرد خلافه، كذا في (الفتح) ومن حوادث الفتاوى أن واقفًا شرط الشهادة في وقفه لزيد ثم لولده من بعده فلم يترك بعده إلا بيتًا فأفتى الشيخ الأخ باستحقاقها للوظيفة، واستغربه بعض القضاة ولا اعتبار به بعد ما ذكرنا انتهى.
وكان علق في (الفتح) قوله في الأوقاف شاهدة، وعندي فيه نظر لأن صاحب (الفتح) إنما استظهر بهذا على عدم سلب ولايتها مع نقصان عقلها، ولا شك أن صلاحيتها في الأموال اتفاقًا فيه إثبات ولايتها والقضاء أهله أهل الشهادة، ولو علق في الأوقاف شاهدة لقصر عن إفادة هذا المعنى المقصود هو الأول لمن تأمل وبتقدير التسليم فعرف الواقفين مراعى، ولم يتفق تقريره أنثى شاهدة في وقف في زمن ما