للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* الراجح: الذي يظهر لي أن أدلة الأولين القائلين بالكراهة ليست قوية، والظاهر أنه لا بأس بلبس الأحمر، لكن لو ترك الأحمر الخالص القاني الذي لم يخالطه غيره لكان أولى وأحوط خروجًا من الخلاف، والله أعلم.

* الثوب المعصفر:

عن عبد الله بن عمرو قال: رأى النبي صلى الله عليه وسلم عليَّ ثوبين معصفرين، فقال: "إن هذه من لباس الكفار، فلا تلبسها" (١).

وفي رواية قال: "أَأُمُّك أمرتك بهذا؟! " قلت: أغسلها، قال: "بل أحرقها" وقوله: (أأمك أمرتك بهذا؟) معناه: أن هذا من لباس النساء وزيِّهن، وأخلاقهن، وأما الأمر بإحراقهما، فقيل: هو عقوبلا وتغليظ لزجره، وزجر غيره عن مثل هذا الفعل (٢).

وعن علي بن أبي طالب: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لُبْس القَشِّىِّ، والمعصفر، عن تختم الذهب، وعن قراءة القرآن في الركوع" (٣).

وقد اختلف أهل العلم في الثياب المعصفرة، وهي المصبوغة بالعصفر -صبغ أصفر- فأباحها جمهور العلماء، منهم الشافعي وأبو حنيفة ومالك!!

وقال جماعة من العلماء: هو مكروه كراهة تنزيه لما ثبت عن ابن عمر قال: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصبغ بالصفرة" (٤) وقال الخطابي: النهي منصرف إلى ما صبغ من الثياب بعد النسج، فأما ما صبغ غزله ثم نسج فليس بداخل في النهي.

وحمل بعض العلماء النهي هنا على المحرم بالحج والعمرة ليكون موافقًا لحديث ابن عمر فيما يحرم على المحرم لبسه!! (٥)

قلت: الأظهر أنه لا يجوز لُبس الثوب المصبوغ بالعصفر للأحاديث الثابتة، لاسيما ما كان منها فاقعًا يشبه لباس النساء، ولذا قال البيهقي -رحمه الله-: "لو بلغت هذه الأحاديث الشافعي لقال بها، إن شاء الله ... " اهـ.


(١) صحيح: أخرجه مسلم (٢٠٧٧).
(٢) «شرح مسلم» للنووي (١٤/ ٥٥).
(٣) صحيح: أخرجه مسلم (٢٠٧٨)، والترمذي (٢٦٤)، والنسائي (١٠٤١).
(٤) صحيح: أخرجه البخاري (٥٨٥١)، ومسلم (١١٨٧).
(٥) «شرح مسلم» (١٤/ ٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>