وليس كذلك ما هو قادح عند أحد قادحا عند كل أحد، فإن مجال
الخلاف في أسباب الجرح فسيح, فلعل الحديث الضعيف عنده لم
يكن ضعيفا عند غيره, بل كان أصلا تبنى عليه المسائل, وكم من
خلاف منشؤه ذلك, فأثبته الشيخ في الكتاب تعميما لنفعه, وأشار إلى
ضعفه تنبيها على ما هو عنده, وأيضا كثير من الأحاديث الضعاف
استشهد به من لم يتحقق كنه حالها ولا ركاكة رجالها, وأشهرها بين
الناس حتى صارت من الزائغات المقبوله, فأوردها وذكر ضعفها
إزاحة لذلك, والله أعلم.
"عن عمر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنما الأعمال بالنيات,
وإنما لامرئ ما نوى, فمن كانت هجرته إلى الله وإلى رسوله فهجرته
إلى الله وإلى رسوله, ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة
يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه"
الموجب لتقديم هذا الحديث أمران:
أحدهما: أن أول ما يجب على العبد هو القصد إلى النظر المفيد
للمعرفة, كما بين في الكتب الأصولية, ومن قال بأن أول الواجبات
هو المعرفة أراد به: أول الواجبات المقصودة بالذات, لا أول ما يجب
كيف كان, فكان جديرا بأن يقدم ما ورد فيه.
ثانيهما: أن يكون أول ما يقرع السمع ويتمكن في النفس: إنما
الأعمال بالإخلاص, فيزكي المتعلم أولا سره عن الأغراض والمطامع