قالت عائشة: فأتى ابن الدغنة إلى أبي بكر فقال: قد علمت الذي عاقدت لك عليه، فإما أن تقتصر على ذلك، وإما أن ترجع إلى ذمتي، فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له.
فقال أبو بكر: فإني أرد إليك جوارك، وأرضى بجوار الله، ﷿(١).
وقد كان عثمان بن مظعون ﵁ فيمن رجع من مؤمني قريش الذين هاجروا إلى الحبشة فلم يستطع دخول مكة لاشتداد المشركين فيها على من آمن بالإِسلام، فدخل في جوار الوليد بن المغيرة، فلم يستطع أحد إيذاءه.
١٢٠ - من حديث ابن إسحاق قال: حدثني صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن ابن عوف عمن حدثه عن عثمان قال:
"لما رأى عثمان بن مظعون ما فيه أصحاب رسول الله ﷺ من النبلاء، وهو يغدو ويروح في أمان من الوليد بن المغيرة، قال: والله إن غدوي ورواحي آمنًا بجوار رجل من أهل الشرك، وأصحابي وأهل ديني يلقون من البلاء والأذى في الله ما لا يصيبني لنقص كبير في نفسي.
فمشى إلى الوليد بن المغيرة، فقال له: يا أبا عبد شمس، وفت ذمتك، قد رددت إليك جوارك، فقال له: لم يا ابن أخي؟ لعله آذاك أحد من قومي، قال: لا، ولكني أرضى بجوار الله، ولا أريد أن أستجير بغيره.
قال: فانطلق إلى المسجد، فاردد علي جواري علانية كما أجرتك علانية.
قال: فانطلقا فخرجا حتى أتيا المسجد فقال الوليد: هذا عثمان قد جاء يرد علي جواري، قال: صدق، قد وجدته وفيًّا كريم الجوار، ولكني قد أحببت أن لا أستجير بغير الله، فقد رددت عليه جواره، ثم انصرف عثمان، ولبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب في مجلس من قريش ينشدهم فجلس معهم عثمان، فقال لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل.
(١) أخرجه البخاري في مناقب الأنصار باب هجرة النبي ﷺ وأصحابه إلى المدينة رقم: ٣٩٠٥، فتح الباري: ٧/ ٢٣٠ - ٢٣١ وعبد الرزاق في المصنف: ٩٧٤٣ والبيهقي في الدلائل: ٢/ ٤٧١ - ٤٧٢ وأحمد في المسند: ٦/ ٣٤٦ وابن سعد في الطبقات: ٨/ ٢٥٠ والطبري في تاريخه: ٢/ ٣٧٥ - ٣٧٨.