للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحالة الثانية: إذا لم يرد معيناً فيؤمر بالتعيين ويوقف عنهم إلى أن يبين، ويلزمه الإنْفَاقُ عليهم، فإذا عَيَّنَ أحدهم؛ عتق، وليس لغيره أن ينازع فيه مع تسليم أنه لم يقصد معيناً، وإذا قال: عينت هذا بل هذا عتق الأول، ولُغِيَ قوله للثاني؛ لأن التعيين حصل بالأول بخلاف قوله: عينت هذا، بل هذا فإنه إخبار ثم العتق في المعين يحصل في الحال أو يتبين حصوله من وقت اللفظ المبهم. فيه وجهان سبق نظيرهما في الطلاق، وقد يُعَبَّرُ عن هذا الخلاف بِأَنَّ الإِبْهَامَ يوقعُ (١) العتق في الحال أو (٢) هو التزام عتق في الذمة، وَخُرِّجَ على الخلاف: أَنه لو مات أحدهم فعينه -هل يصح؛ إن قلنا بحصول [العتق عند] (٣) التعيين، فلا يصح؛ لأن الميت لا يقبل العتق، وعلى هذا فلو كان الإبهام في عبدين، فإذا بطل التعيين في الميت تعين الثاني، ولا حاجة إلى لفظ، وإن قلنا بالوقوع عند الإبهام صَحَّ تعيينه، والتعيين على هذا بيان أيضاً، ولو جرى ذلك في أَمَتَيْنِ أَوْ إِمَاء -فهل يكون [الْوَطْءُ] تعيناً لغير المَوْطُوءَةِ؟ فيه وجهان كما ذكرنا في "الطلاق".

ونقل (٤) ابْنُ الصَّبَّاغِ أن التعيين قوله أكثر الأصحاب -رحمهم الله- وهو اختيار المُزَنِيِّ، وإذا لم نجعله تعيناً فلو عين العتق في الموطوءة فلا حد عليه، وبنى في "التَّهْذِيبِ" حكم المهر على أن العتق يحصل عند التعيين، أو باللَّفْظِ الأول، إن قلنا بالأول؛ لم يجب، وإن قلنا بالثاني؛ وجب.

وقال أَبُو حَنِيْفَةَ: [الْوَطُء] لا يكون تعيناً إِلا إِذَا أَحْبَلَهَا، [الوطْء] فيما دون الفَرْجِ، وَالقُبْلَةِ وَاللَّمْسِ بالشهوة يترتب على [الوطء] إن لم يكن تعيناً فهذه أولى، وإن كان تعيناً فوجهان؛ لأنهما أَخَفُّ من [الوطء] والاستخدام يترتب (٥) على هذه الاسْتِمْتَاعَاتِ حكى ذلك عن الْقَاضِي الحُسَيْنِ وغيره والصحيح أنه ليس يتعين.

قال الإِمام -قَدَّسَ اللهُ روحَهُ-: وهذا يوجب طَرْدَ الخلاف في أن الاستخدام في زمان الخيار يكون فسخاً، أو إجازة والعرض على البيع كالاستخدام، ولو باع بعضهم أو وَهَبَهُ، وأَقْبَضَهُ أو أجرهُ.

قال في "التَّهْذِيبِ": فيها وجهاً [الوطء]؛ لأنها من تصرفات الملاك (٦) وعن أَبِي حَنِيْفَةَ: أنَّها تكون تعيناً، والإعتاق ليس بتعيين، ثم إن عَيَّنَ فيمن أعتقه قبل، وإن عين في غيره عتقا، وقتل السَّيِّدِ أَحَدَهُمْ ليس بتعيين، ثم إن عَيَّنَ في غير المقتول؛ لم يلزمه إلاَّ الكفارة، وإن عين في المقتول؛ لم يجب القصاص للشبهة، وأما المال فإن قلنا:


(١) في أ: وقع.
(٢) في أ: و.
(٣) في ز: عتق عبد.
(٤) في أ: وذكر.
(٥) في أ: ترتب.
(٦) في ز: الهلاك.

<<  <  ج: ص:  >  >>