للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجب في الدُّيُون الحالَّة، والحقوقِ الخاصَّة، وسواءٌ أوجبنا الكتابة أو استحببناها، فتُحتَاج إلى بيان المكتوب، وإلى بيان أنه كيف يُضْبَط ويُحْفَظ؟ أمَّا الأوَّل، فالمكتوبُ محضَرٌ وسجلٌّ، أما المحضر، فصورته "بسم الله الرحمن الرحيم أحضر القاضي فلانَ ابْنَ فلاَنِ، وأحضر معه فُلاَنَ بْنَ فلانٍ" ويرْفَعُ في نسبهما قَدْرَ ما يفيد التمييز، وهذا إذا عرفهما القاضي، ويُسْتَحَبُّ مع ذلك التعرُّضُ لحليتهما طولاً وقصرًا في القَدِّ، وسمرةً، وشقرةً في الوجه، ويصف منهما الحاجب، والعين والفم والأنف.

وإن لم يعرفهما، كتب حضرَ رَجُلٌ، ذُكِرَ أنه فلانُ بنُ فلانِ بنِ فلانٍ وأحضر معه رجُلاً، ذكر ذلك المحْضَر أنه فلانُ بنُ فلانِ، ولا بدّ، والحالة هذه، من التعرّض لحليتهما ثم يكتب: وادَّعى عليه كذا من عَيْنِ أو دَيْن، بصفتهما، فأقرَّ المدَّعَى عليه بما ادَّعَى، وإن أنكر وأقام المدعي البينة، كتب، فأنكر، فأحضر المدعي فلانًا، وفلانًا شاهِدَيْن. وسأل القاضي سماع شهادتهما، فسمعها في مجلس حكمه، وثبت عنده عدالتهما، فسأله أن يكتب محضرًا بما جرى، فأجابه إليه، وذلك في تاريخ كَذَا، وثبَتَ عَلَى رأس المحْضَر علامته؛ من الحمدلة، وغيرها، ويجوز أن يُبْهِمَ ذكْرَ الشاهدَيْن، فيكتب: وأحْضَرَ شهدَيْن، عدّلَيْن، فَشَهِدَا له بما ادعاه.

ولو كان مع المدَّعِي كتابٌ فيه خطُّ الشاهدَيْن، فإن كتب تحْتَ خطوطهما، شَهِدَا عنْدِي بذلك، وأثبت علامته على رأس الكتاب، واكتفى به عن المحضر، جاز، وإن كتب المحضر، وضمنه ذلك الكتابَ، جاز، وعلى هذا قياسُ المَحْضَر، يذكر تحليف المدعى عليه، أو تحليفُ المدَّعِي بعد نكول المدعَى عليه.

وأما السِّجِل فصورته بسم الله الرحمن الرحيم. هَذَا ما أَشْهد عليه فلانٌ القاضي بموضع كذا، في تاريخ كذا، أنه ثبت عنده كذا بإقرار فلان لفلان، أو شهادة فلان لفلان، ثبتت عدالتهما عنْده أو بيمينه بعْد نكول المدعَى عليه، وأنه حكم بذلك لفلانٍ على فلان، وأنفذه بسؤال المحْكُوم له.

ويجوز أن يكتب، ثبت عنده ما في كتابٍ، هذا نسخته، وينسخ الكتاب إلى آخره، ثم يكتب، وأنه حكم بذلك.

وكيفية التعرُّض لنسب المتداعيين، وحليتهما على ما ذكرنا في المحْضَر، وفي تعْليق الشيخ أبي حامد أن ابن خَيْرَان، لم يجوِّز للقاضِي التسْجِيلَ، إذا لم يعرف المتداعَيَيْن، والْمَذْهَبُ الأَوَّلُ، وإذا كان التَّدَاعِي بيْن رجُلٍ وامرَأة أو بين امرأتين، واحتاج إلى إثبات الحلْيَة؛ فليكنِ النظَرُ لذلك، كالنظَرِ لتحمُّل الشهادة، وأما أنه كيف يضبط ويحْفَظ فينبغي للقاضي أن يجْعَل المحاضرَ والسِجِلاَّتِ على نسختين؛ يدفع منها واحدةً إلى صاحب الحقِّ غير مختومة، ويحفظ الأخْرَى لديوانِ القضاءِ ويختمها،

<<  <  ج: ص:  >  >>