للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: "عَلِّمُوا أَوْلاَدَكُمُ الرَّمْيَ وَالْمَشْيَ بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ" (١) وَيُرْوَى "الرمْي بَيْنَ غَرَضَيْنِ" (٢) وعن عقبة بن عامر وابن عمر وأنس -رضي الله عنهم- ولأنهما، إذا فعلا ذلك، لا يحتاجان إلى الذهاب والرجوع، ولا تطول المُدَّة أيضاً، ثم نص الشافعيُّ والأصحابُ -رضي الله عنهم- على أنه، إذا بدأ أحدُهُمَا، إما بحكم الشرط أو بالقرعة أو بإخراج المال، فإذا انتهيا إلى الغرض الثاني، يبدأ الثاني بالرمي منه إلى الأول تحقيقاً للتسوية، وقضيةُ هذا أن يبدأ الثاني في النوبة الثانية، وإن كان الغرض واحداً، وحينئذٍ فيصل رميه في النوبة الثانية برمية في النوبة الأولَى.

فَرْعان: أحدُهما: إذا قلْنا: يقُرع للبداية، فهل يدخل المحلل في القرعة، إذا أخرجا المال؟ فيه وجهان؛ بناءً على أن إخراج المال، هل يقتضي السبق؟ إن قلْنا: يقتضيه، فلا يدخل، وإلا فيدخل الثاني، إذا ثبتت البداية لواحد، فرمى الآخر قبله، لم يحسب له، إن أصاب، ولا عليه إن أخطأ، ويرمي ثانياً عند انتهاء النَّوْبة إليه.

قَالَ الغَزَالِيُّ: أَنْ يَرُدَّ العَقْدَ عَلَى رُمَاةٍ مُعَيَّنِينَ، وَلاَ يَجُوز إيْرَادُهُ عَلَى الذِّمَّةِ، وَيَجُوزُ بَيْنَ حِزْبَيْنِ، وَالانْتِقَادُ يَكُونُ بِالتَّرَاضِي لاَ بِالْقُرْعَةِ الَّتي قَدْ تَجُوزُ فَتَجْمَعُ الْخَرْقَ فِي جَانِبِ،


= من مشى بين الغرضين، وفي سنن سعيد بن منصور عن إبراهيم بن يزيد التيمي عن أبيه قال: رأيت حذيفة بالمدائن يشتد بين الهدفين، وروى الطبراني في فضل الرمي من طريق سعيد بن المسيب عن أبي ذر قال قال: رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من مشى بين الغرضين كان له بكل خطوة حسنة.
(١) قال الحافظ في التلخيص مسلم [١٩١٩] لم أجده هكذا، وفي ابن حبان والبيهقي من طريق شعبة عن عاصم عن أبي عثمان: أتانا كتاب عمر، ونحن مع عتبة بن فرقد بأذربيجان، فذكر الحديث وفيه: وارموا الأغراض، وامشوا بين الهدفين، وروى البيهقي بإسناد ضعيف عن أبي رافع رفعه: حق الولد على الوالد أن يعلمه الكتابة، والسباحة، والرمي.
(٢) أما حديث عقبة بن عامر فرواه مسلم [٩١٩١] من طريق عبد الرحمن بن شماسة المهري: أن رجلاً قال لعقبة بن عامر تختلف بين هذين الغرضين، وأنت كبير يشق عليك، فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: من علم الرمي ثم تركه فليس منا، وأما حديث ابن عمر فرواه الطبراني في الكبير [١٣٠٧٨]، وسعيد بن منصور من طريق مجاهد قال: رأيت ابن عمر يشتد بين الغرضين، ويقول أنا بها، وإسناده حسن، وأما حديث أنس فأخرجه الطبراني في كتاب الرمي بسند صحيح عن ثمامة بن عبد الله بن أنس قال: كان أنس يجلس، ويطرح له الفراش، ويرمي ولده بين يديه، فخرج علينا يوماً، فقال: يابني بئيس ما ترمون، ثم أخذ القوس فرمى، فما أخطأ القرطاس، ورويناه بعلو في جزء الأنصاري.
(فائدة): روى النسائي من حديث عطاء بن أبي رباح، رأيت جابر بن عبد الله، وجابر بن عمير الأنصاري يرميان، فمل أحدهما فجلس، فقال الآخر سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: كل شيء ليس من ذكر الله، فهو لغو وسهو إلا أربع خصال: مشي الرجل بين الغرضين، وتأديب فرسه، وملاعبته أهله، وتعليم السباحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>