للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يريه شدَّته؛ ليُسْلِم، فلما أسلم، ردَّ عليه غنمه، فإن جوَّزنا المسابقة على المصارعة، ففي المشابكة باليد وجهان منقولان عن "الحاوي" ولا يجوز عقد المسابقة على ما لا ينفع في الحروب؛ كاللعب بالشطرنج والخاتم والصَّوْلَجَانِ (١) ورمي البنادق والجُلاهِق (٢) والوقوف على رجْلٍ واحدة ومعرفة ما في اليد من الزوج والفرد وسائر أنواع اللِّعَب، وفي تعليقة إبراهيم المروزي: أن المقل في الماء، إن جرت العادة بالاستعانة به في الحرب، فهو كالسباحة، وإلا، لم تجز المسابقة (٣) عليه.

وأما ما يتعلق بلفظ الكتاب سوى ما سبق، فقد أعلم قوله "كتاب السبق والرمي" بالحاء؛ إشارةً إلى ما رُوِيَ عن أبي حنيفةَ: أنه أبطل هذا العقْد، ولم يجوِّز شرط المال فيه، لكن قال الشيخُ أبو حامد في التعليق: إن أصحابنا الخراسانيين حَكْوا ذلك عن أبي حنيفة، وليس كما حَكُوه، بل هو جائز بالاتفاق، وقوله: "وأما النصل، ففي معناه المزاريق والزانات" قضيته ألاَّ يكونَ المزاريق والزانات متناولةً باسم النصل؛ لتجعل في معناه، وعلى هذا يدل كلام الإِمام، لكن تناولها باسم النصل قريبٌ، فقد قال صاحب الصِّحَاح (٤): والنصل نصل السهم والسيْفِ والسكِّينِ والرُّمْحِ، والمزاريق والزانَاتُ كالرمح.

وقوله "لنقل الأخبار" أي لفائدة إنهاء الأخبار.

وقوله: "والظاهر منعه" أي: في مسألة الطيور والحمامات، فأما في الترامي


= وإسناداهما ضعيفان، وروى عبد الرزاق عن معمر عن يزيد بن أبي زياد أحسبه، عن عبد الله بن الحارث، قال: صارع النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا ركانة في الجاهلية، وكان شديداً، فقال: شاة بشاة، فصرعه النبي -صلى الله عليه وسلم-: فقال: عاودني في أخرى، فصرعه النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: عاودني، فصرعه الثالثة، فقال أبو ركانة: ماذا أقول لأهلي شاة أكلها الذئب، وشاة نشرت، فما أقول في الثالثة، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ما كنا لنجمع عليك أن نصرعك، ونغرمك، خذ غنمك، هكذا وقع فيه أبو ركانة، وكذا أخرجه أبو الشيخ من طريقه، ويزيد فيه ضعف، والصواب ركانة.
(تنبيه) قال الحافظ عبد الغني بن سعيد: ما روي من مصارعة النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا جهل لا أصل له، وحديث ركانة أمثل ما روى في مصارعة النبي -صلى الله عليه وسلم-.
(١) هو الصوالج -معرب-، وهو عصا معقوف طرفها، يضرب بها الفارس بها الفارس الكرة، الجمع: صوالج. ينظر: المعجم الوسيط ١/ ٥١٩ - ٥٢٠.
(٢) بضم الجيم: هو البندق، وظاهر كلام الشيخ التغاير، وأجيب بأن في البندق مسألتين: إحداهما: الرمي به إلى حفيرة ونحوها. والثانية الرمي به عن قوس وهو قوس الجلاهق يندفع الاعتراض.
(٣) قال النووي: لا تجوز المسابقة على البقر على المذهب، وقيل: وجهان، حكاه الدارمي، قال: والذي تجوز المسابقة عليه من الخيل. قيل: ما يسهم له وهو الجذع أو الثني، وقيل: وإن كان صغيراً قال: ولا تجوز على الكلب.
(٤) ينظر: الصحاح ٥/ ١٨٣٠ (نصل).

<<  <  ج: ص:  >  >>