للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمامُ: وللنظر في [هذا مجالٌ و] (١) يجوز أن يُقالَ: المفسِدُ يقطعُ أثرَ فِعْلِ الأول، مِنْ كل وَجْهٍ.

والأَصَحُّ: ما ذكره "صاحبُ التقرِيبِ".

وإنْ أَدْركَه وتمكَّن من ذَبْحه، نُظِرَ، إنْ ذبحه، فعلى الثَّانِي أرشُ جِرَاحَتِه، وإن حدث منه نقْصٌ، وإنْ لم يذبحْهُ، وتركه حَتَّى ماتَ ففِيه وَجْهانِ:

أَحدُهما: لا يجبُ على الثاني شَيْءٌ سِوَى أَرْشُ جرحته؛ لأن الأولِ صارَ مُقَصِّرًا، حتى تمكن مِنَ الذَّبْحِ فلم يذبحْ.

وأَصَحُّهما: أَنَّ الضَّمَانَ على الثَّانِي لا يقتصر على أرشِ الجرَاحَةِ ولا فَرْقَ بين أَنْ يموتَ الصيدُ في يده، أو قبل أن يَقْدِرَ عليه ويتمكّنَ من ذَبْحه؛ لأَن غايةَ ما فيه أنه امتنع مِنْ تَدَارُكِ ما تعرَّضَ للفساد بجناية الجانِي مع إمْكان [التدارُكِ] (٢)، وأنه لا يسقطُ الضمانُ، كما لو جرحَ جارحٌ شاتَه، فلم يذبَحْها [فَماتت] (٣)، مع التمكُّنِ منه لا يَسْقُطُ الضمانُ، وعلى هذا فوجهان:

أَحدُهما: وبه قال الإصْطَخْرِيُّ: أنه يضمن كمالَ قِيمته مُزْمنًا أيضاً، كما لو ذفف بخلاف ما إذا جرحَ عبدَهَ أو شاتَه، وجرحه غيرُه؛ لأن كُلِّ واحدٍ من الفَعْلين هناك إفسادٌ، والتحريمُ حصل بهما، وهاهنا الأولُ إصلاحٌ واكتسابٌ، والفسادِ جاء من الثاني.

وأَظْهرُهما: وبه قال أكثرُ الأَصْحَاب: إنه لا يضمن كمالَ القِيمة، بل هو كما لو جرحَ عبدَه [وجرحه] (٤) غيرُه؛ لأنَّ الموتَ حصل بفعْلِهما، وكل وَاحدٍ من الفِعْلَيْن إفسادٌ.

أما الثاني: فظاهِرٌ.

وأَمَّا الأولُ: فلأنَّ تركَ الذَّبْحِ بعد التمكن يجعل الجرْحَ وسرايته إفسادًا، ولذلك لو لم يوجد الجرحُ الثاني. وترك الذبح -كان الصيد ميتةً.

فعلى هذا تَجِيءُ الوجوهُ المذكورةُ في كَيْفِيَّةِ التوزيع على الجرحَيْن: فما هو حصةُ الأوَّلِ تسقط وما هو حصةُ الثانِي تجب. وأما لفظُ الكتابِ فقولُه: "وإنْ كانَ الثَّانِي مذفِّفاً فهو له" يعني ولم يكن الأول مُزْمنًا، ولا يحتاج إلى أن يقولَ ولا مذفِّفاً، فإنه لو كان الأولُ مُذَفِّفاً لم يكن الثاني مذفِّفاً.

وقولُه: "إِلاَّ أَنْ يُصِيبَ المذْبَحَ" يجوزُ أَنْ يُعْلَمَ بالواوِ [لتردُّدِ] (٥) الإمامِ فيما إذا


(١) سقط في ز.
(٢) سقط في ز.
(٣) سقط في ز.
(٤) سقط في ز.
(٥) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>