للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلق الطَّلاَق بثلاثة أيام قبْل العتق، فلو نفذ العتْق، لوقع الطلاق قبْلَه بثلاثةِ أيَّام، ولو كان كذلك لم تكُنْ زوجةً، وإذا لم يحْصُل العِتْق لا يقع الطلاق أيضاً، لأنَّه معلَّق به والله أعلم.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (القِسْمُ الثَّانِي في فُرُوعِ التَّعْلِيقَاتِ): فَنَذْكُرُهَا أَرْسَالاً، وَجُمْلَةُ نَظَرِنَا في تَحْقِيقِ الصِّفَاتِ إِذَا عُلِّقَ عَلَيْهَا، فَلْنَذْكُرِ الصِّفَاتِ حَتَّى لاَ نُطَوِّلَ فَنَقُولُ، تَعْلِيقُ الطَّلاَقِ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ لَيْسَ حَلِفاً سَوَاءٌ كَانَ بِصِيغَةِ إِنْ أَوْ إِذَا، وَبالأَفْعَالِ حَلِفٌ بِالصِّيغَتَيْنِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: عرفْتَ أن الكلام في التَّعْليقات قسمان فصول، وقد انصرمت وفروع وهي التي نشرعُ فيها الآن، ولمّا كان مُعْظَم الغَرَض فيها البَحْثَ عن الصفات المعلَّق عليها، وأنها بم تحصل كقولنا: إن الحَلِفَ بالطلاق، بم يحصل، وأن البشارة ما هي؟ أثراً للإِيجاز، فلم يتكرَّر لفظِ التعليق بالحَلِف بالبشارة وغيرها، وتكلَّم في الصفات، وهذا مَعْنَى قوله: "وجملَةُ نَظَرِنا .. " إلى آخره.

وقوله: "أَرْسَالاً" أي متتابعةً، نوعاً بَعْد نَوْع، يقال: جاءت الخيل أرسالاً أو قطيعاً واحدها رسل وهو القطيع من الإِبل والغَنَم وغيرهما من الفروع.

وقال ابن سُرَيْج، وتابَعَه مُعْظَم الأصحاب: الحَلِفُ ما يتعلَّق به منع من الفِعْل أو حَثّ عَلَيْه أو تحقيق خبر وجلب تصديق، فإذا قال إن حلَفْت بطلاقك، فأنْتِ طالقٌ، ثم قال لها: إذا طلَعَتِ الشمس، أو جاء رأس الشَّهْر، فأنتِ طالقٌ، لم يقَع الطلاق المعلَّق بالحَلِف بالطلاق؛ لأنَّه ليس في هذا التعليق مَنْع، ولا حَثَّ، ولا غَرَض تحقيق، وكذا لو قال إذا حِضْتِ أو ظَهُرْتِ أو إذا شئت فأنتِ طالقٌ، ولو قال: (١) بعد التعليق بالحلف، إن ضَرَبْتُك، أو (٢) إن كَلَّمْتِ فُلاناً أو إن خرجْتِ مِنَ الدَّار أو إن لم تَخْرُجي، أو إن لم تفعلي (٣) كذا، أو لم يكُنْ هذا كَما قُلْت، فأنتِ طالقٌ، وقع في الحال الطلاق المعلّق بالحلف، فإن هذا حلفٌ ثم إذا وُجِدَ الضَّرْب أو غيره ممَّا علَّق عليه، وقَعَت طلقة أخرى، إن بقيت في العِدَّة، ولو قال: إن قدم فلان، فأنت طالقٌ، وقَصَد منعه، وهو ممن تخلفه، فهُوَ كقوله: إن دخَلْتِ الدار، وكذا لو قال الزوج: طلعَتِ الشمسُ فكَذَّبَتْهُ المَرْأة، فقال: إن لم تَطلعْ؛ فأنت طالقٌ؛ لأن غرضه هاهنا التَّحْقيق، وحملُها على التصديق، فهُو حَلِفٌ، وإن قَصَد بقوله: "إن قدم فلانٌ" التأقيت أو كان فلان ممن لا يمتنع تحلفه كالسلطان، أو قال: إذا قدم الحجيج، فأنْتِ طالقٌ، فهذا ليس بحَلِفٍ وما جعلْنا التعليق [به] (٤) حلفاً، فلا فَرْق فيه بيْن أن يعلق بصيغة "إن" أو صيغة "إذا"، اعتباراً بأنَّه موضع المنع، والحَثّ، والتصديق، وفيه وجْه أنَّه إذا علَّق بصيغة "إذا" لم


(١) في أ: هذا.
(٢) في ز: و.
(٣) في ز: تفعل.
(٤) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>