للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك، وَقَع الطَّلاق ويحتمل أن يقال: تطلَّق، والابن سفير يُخْبِرها بالحال.

وإنه لو قال كل امرأة في السِّكَّة طالق، وهي في السِّكَّة، حكى جدي عن بعض الأصحاب: أنَّه لا يقع طلاقه، والصحيح أنه يَقَعُ، وأنَّه لو وكَّل رجلاً بالطلاق، فقال الوكيل: طلّقت من يقع الطلاق عليها بلفظي، هل تطلَّق المرأة الَّتي وكّل بطلاقها، فيه وجهان، ولو وكله بطلاق امرأته فطلَّقها، ولم يَنْوِ عند الطلاق أنه يوقع لموكله، ففي الوقوع وجهان، وفي الفتاوى للقاضي الحُسَيْن أنه لو قيل له: فعلْتَ كذا، فأنْكَر، فقيل له: إن كنْتَ فعلْتَ كذا فامْرأتُكَ طالقٌ، فقال: نعم، أو قيل له [زن توارزنى توهشته] (١) فقال (هشته) (٢) لم يقع الطلاق؛ لأنَّه لم يوقعْه، وإنَّما أجازه، قال الشيخ الفرَّاء هذا استدعاء طلاقٍ منه، فليكن على القولَيْن فيما إذا قال لآخَرَ: طلقْتَ امرأتك، فقال: نعم، وفي "المستدرك" للإِمام إسماعيل البوشنجي: أنَّه لو قال لامرأته: وهَبْتُك لاِهْلِك، أو لأبيك، أو للأَزْواج، أو للأجانب، ونَوَى الطلاق، وَقَع الطلاق، كما لو قال: الْحَقِي بأهْلك، وأنَّه لو قال لامرأته: أنْتِ كذا، ونوى الطلاق، لا يُقْضَى بوقوع الطلاق، وكذا لو علَّق بصفة، فقال: إنْ لم أفْعَلْ كذا، فأنْتِ كذا، ونوى الطلاق؛ لأنه لا إشْعَار له بالفرقة؛ فأشْبَهَ ما إذا قال: إن لم أفْعَلْ كذا، فأنْتِ كما أضْمِرَ ونَوَى الطلاق، وأنه لو قال: أربَعُ طرق عليك مفتوحةٌ، فخُذِي أيَّها شِئْت، فهو كناية، كقوله: الْحَقِي بأهْلِكِ، وزوري أباكِ، وما أشبهها، ولو لم يقل: فَخُذي في أيها شئْتِ، قال إسماعيل: اعتاضت (٣) عَلَيَّ جوابُها، فراجعْتُ بعض مشايخي، فأجاب بعض أئمة خراسان: بأنه كناية تشبه قوله: خلَّيْتُ سَبِيلَكِ، وأجاب إمام العراقيين -يعني أبا بكر الشاشي-: بأنَّه ليس كناية وقوله: الطَّرِيقُ عليكِ مفتوحٌ، كقوله: أربَعُ طرقٍ مفتوحةٌ.

ولو قال: فتحْتُ طريقك، فلا ينْبَغِي أن يُفْرَق بينه وبين قوله: خَلَّيْتُ سبيلك، وقد سلّمة إمام العِرَاقِيِّين -رحمه الله-، وبه يظهر أن قوله: الطريقُ عليْكِ مفتوحٌ كنايةٌ أيضاً، كما لا فرْق في الصريح بين قوله: أطْلَقْتُكِ وبين قوله: أنتِ مطلَّقةٌ، وأنه لو قال لها: خُذي طلاقَكِ، فقالت: أخذْتُ، لم يقع الطلاق ما لمْ توجد نية الإِيقاع من الزوج، بقوله خُذِي أو من المرأة، إن حُمِلَ قوله على تفويض الطلاق إليها.

وفي "الإِقناع" لأقضى القضاة الماوَرْدِيِّ: أن قول الزوج: لعَلَّ اللهَ أن يسُوقَ إليك خيْراً من كنايات الطَّلاق، وكذا قوله: بَارَكَ اللَّهُ لَكِ، بخلاف قوله: بَارَكَ اللَّهُ فِيكِ، وذكره غيره أيْضاً كأن قوله: بارك اللَّهُ فيكِ معناه: بارك الله لي فيك، وهو يُشْعِر برغبته


(١) جملة فارسية معناها: امرأتك ليست جديرة بك، طلقها.
(٢) يعني: طالق.
(٣) في ب: اعتياض.

<<  <  ج: ص:  >  >>