للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الفَصْلُ الخَامِسُ في تَزْوِيجِ العَبِيدِ)، وَالمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ لاَزِمَانِ وَمُتَعَلِّقَانِ بِكَسبْهِ وَبِالرِّبْحِ مِنْ مَالِ تِجَارَتهِ، وَفِي تَعَلُّقِهِ بِرَأْسِ المَالِ وَجْهَانِ، وَالْقَوْلُ الجَدِيدُ أَنَّ السَّيِّدَ لاَ يَكُونُ ضَامِناً للِمَهْرِ بِمُجَرَّدِ الإِذْنِ لَكِنْ عَلَيْهِ أن يُمَكِّنَهُ حَتَّى يُؤَدِّي المَهْرَ مِنَ الْكَسْبَ وَالنَّفَقَةِ، فَإِنْ اسْتَخْدَمَهَ يَوْماً لَزِمَهُ كَمَالَ الْمَهْرِ وَنَفَقَة العُمُرِ عَلَى وَجْهِ إِذْ رُبَّمَا كَانَ يَكْتَسِبُ مَا بَقِيَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ، وَفِي وَجْهٍ يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ وَنَفَقَةُ ذَلِكَ اليَوْمِ، وَفِي وَجْهٍ ثَالِثٍ وَهُوَ الأَصَحُّ لاَ يَلْزَمُهُ إِلاَّ أُجْرَةُ المِثْلِ كَمَا في الأجْنَبِيِّ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: ليس كلامُ الفصْل في كيفية التَّزْويج ومن يزوِّج، وإن كانت الترجمة تقتضي ذلك، وإنَّما الكلامُ في المهْر والنفقة وغيرهما من أحكام النكاح، وهكذا كان الأمر في الفصْل الرابع المتَرْجَم بتَزْويج الإِماء، والفقْهُ يقع في مسألتين:

[المسألة الأُولَى] (١): أنَّ المهر والنفقة لازِمَانِ في نِكَاح العبد لزومهما في نكاح الحرِّ، وبم يتعلقان ينظر في العبد أهو محجور عليه أو مأذونٌ له في التجارة.

الحالة الأولَى: إذا كان محجُوراً عليه؛ فأما أن يكون مكتسباً [أو لا يكون؛ إِن كان مكتسباً] (٢) فهما متعلقان بكسبه؛ لأنهما من لوازم النكاحِ، وكسبُ العبد أقربُ شيء يصرف إليهما، فالإذْنُ في النكاح إذنٌ في صرف مكاسبه أو مؤناته، ويتعلَّقان بالأكساب العامَّة كالاصطياد، والاحتطاب، وما يحَصِّلُه بصنعة وحرفة، وبالأكساب النادرة الحاصلةِ بالهِبَة، والوصية.

وفيه وجهٌ: أنهما لا يتعلَّقان بالأَكسَاب النَّادِرَةِ بناءً على أنها لا تدخل في المهايأة، ولا تلحق بالأكساب العامَّة، وإنما يتعلَّقان بَالمكتسب بعد النكاح، فأما المكتسب قبله، فهو خاصٌ للسيد كسائر أمواله، ولو كان المهرُ مؤجَّلاً، فالمصروفُ إليه مما يكتسبه بعْد حلول الأجل دون المكتسب قبله، وهل للعَبْد أو مؤجر نفْسَه للمهر والنفقة فيه وجهانِ بناءً على القولَيْن في بيع المستأجر، إن منعناه، لم يكن لَهُ أن يؤجِّر نفسه، كيلا يفوت البيع على السيد، وإلا، فله ذلك قَالَ أَبُو سَعْدِ المتولِّي؛ هذا في إجارة العَيْن، أما إذا التزم عملاً في الذمَّة، فالمذهب جوازه؛ لأنه دَيْنٌ في الذمة، لا يمنع البيع، وطريقُ الصرف إلَى المَهْر والنفقة أن يَنْظُرَ إلى الحاصل كلَّ يوم، فيؤدي منه النفقة، إن وَفَّى بها، فإن فضَل شيْءٌ، صرف إلى المهر، [و] هكذا كلَّ يوم، حتى يتم المهر، فإذا تَمَّ، صرف الفاضل من النفقة إلى السيد، ولا يَدَّخر النفقة، وإن لم يكُنْ مكتسباً، فقولان، ويقال: وجهان:


(١) في أ: إحداهما.
(٢) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>