للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أظهرهما: نعم؛ لتسليمه، ثم يَرْجِع هُوَ على الظالِمِ، وهما كالوجهين في أنَّ المكره عَلَى إتلاف مال الغَيْر، هل يطالب؟ وقوله: "فقرار الضمانِ على الظَّالم وفِي تَوَجُّهِ المطالَبةِ علَيْه وجهان" مَسَاقُهُ يقتضي [الجزم بالقرار علَيْهِ بيع الوجهين وفي مُطَالبة المُودَع] (١) لكنَّ المعنِيَّ بالقرار في هذه المواضِعِ الاَّ يرجع الشخْصُ، إذا غُرم، ويرجع عليه غيره، إذا غرم، وهذه الحقيقةُ تعتمدُ توجيهَ المُطَالبة عَلَى شخْصَيْن، فلا ينتظم الحُكْم بالقرار عليه، إِلاَّ إذا قلنا بوجُّه المطالبة [على المكره، فلا يكون مجزوماً، به مع الخلاف في المُطَالَبَةِ] (٢) ومهما طالبه الظالم بالوديعَة فعليه دفعه بالإِنكار والإخفاء والامتناعِ، ما قَدَر عليه، فإن ترك الدَّفْعِ مع القدرة، ضمن، وإن أنْكَر، فَحلفه، جاز له أنَّ يَحْلِفَ لمصلحةِ حفْظِ الوديعةِ، ثم يُكَفِّرَ (٣)؛ لأنه كاذبٌ.

وفي "التتمة": أن وجُوبَ الكفارة يُبْنَى على أنَّه، إنْ أكره على تطليق إحدى امرأتَيْهِ، فطلَّقها، هل يَقَعُ أم لا فإن قلْنا: لا يقع، فيمينه لا ينْعَقِدُ، هذا لفظه، وإن أُكْرِهَ عَلَى أن يَحْلِفَ بالطلاق، أو العتاق فحاصُلُه التخييرُ بين الحَلِفِ، وبين الاعتراف والتسليم، فإِن اعترف، وسلَّم، ضمن؛ لأنه فَدَى زوجته بالوديعةِ، وإن حَلَفَ بالطلاق، طلقت زوجته؛ لأنه قَدَرَ على الخَلاَصِ بتَسْلِيم الوديعةِ، ففدَى الوديعةَ بالطَّلاق. وفي "التَّتِمَّة": أنا إن قلنا: إنَّ مَنْ أكره عَلَى طلاقِ إحْدَى امرأتَيْهِ، فطلَّق، لا يَقَعُ، فهاهنا إنْ حَلَفَ بالطلاق، لم يَقَعْ، وإن اعترف بالوديعةِ، وسلَّمها، كان كما لو سلَّمها مكرهاً، والله أعلم.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: السَّابِعُ: الجُحُودُ وَهُوَ مَعَ غَيْرِ المَالِكِ غَيْرُ مُضَمَّن، وَمَعَ المَالِكِ بَعْدَ مُطَالَبَتِهِ مُضَمَّنٌ، وَبَعْدَ سُؤَالِهِ دُونَ المُطَالَبَةِ وَجْهَانِ، وَمَهْمَا جَحَدَ فَالقَوْلُ قَوْلُهُ، فَإنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ البيِّنةُ فَادَّعَى الرَّدَّ مِنْ قَبْلُ فَإنْ كَانَ صِيغَةُ جُحُودِهِ انْكَاراً الِأَصْلِ الوَدِيعَةِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ بغَيْرِ بَيَّنَة، وَفِي قَبُولِهِ مَعَ البَيِّنَةَ وَجْهَانِ لِتَنَاقُضِ كَلاَمَيْهِ، وَإِنْ كَانَ صِيغَةُ جُحُودِهِ أنَّه لاَ يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ شَيْءٍ إِلَيْكَ قُبِلَ قَوْلُهُ في الرَّدِّ وَالتَّلَفِ؛ إِذْ لاَ تَنَاقُضَ بَيْنَ كلاَمَيْهِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: في الفصل مسألتان:

إحداهما: مَنْ في يدِهِ وديعةٌ، إذا قال: لا وديعةَ لأحدٍ عندِي، إما ابتداءَ أو في


(١) في ب: توجيه المطالبة عليه.
(٢) سقط في: ز، أ.
(٣) تعبير الشيخ بالجواز يفهم عدم الوجوب.
قال في الخادم: لو كانت الوديعة رفيقاً والظالم يريد قتله عدواناً أو الفجور به وجب أن يحلف كما أشار إليه الغزالي في صورة القتل بل أطلق في البسيط أنَّه يجب أن يحلف كاذباً بأنه ليس عنده وديعة، وموضع وجوب الكفارة إذا لم يأت بالتورية، فإن ورى لم تجب وتنفعه التورية وإن كان المستحلف حاكماً لأنه ظالم كما صرح به الروياني في الحلية في كتاب الطلاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>