قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا أمره بحفْظِ الوديعةِ عَلَى وجْهٍ مخصوصٍ، فعَدَلَ عنه إلَى وجهٍ آخر، وتلفَتِ الوديعةُ، فإن كان التلَفُ بسبب الجهةِ المعْدُولِ إِلَيْها، ضمن، وكانتِ المخالفةُ من أسباب التقصير؛ لأنه لو راعَى الوَجّه المأمورَ به، لم يتحقَّقِ التلَفُ، ولو حصل التلَفُ بسببٍ آخرَ، فلا ضمان، وهذه جملة يفصِّلها صُوَرٌ:
الصورة الأُولَى: أودعه مالاً في صندوقٍ، وقال: لا ترقُدْ عليه، فرقَدَ علَيْه، نُظِرَ: إن كان تلف بالرقود، بأن انكسر رأْسُ الصندوق بثقله أو تلف ما فيه، وَجَبَ الضمان، وإلا، فإن كان في بيت محرز، وأخده اللُّص، أو في صحراء، وأخده اللُّص من رأس الصندوق، فعن مالك -رحمه الله-: أنه يضمن، وبه قال بعض الأصحاب؛ لأَن الرقود عليه يوهِمُ السارقُ نفاسَةَ ما فيه، فيقصدُهُ، والمذْهَب: أنَّه لا يضمن؛ لأنه زاد احتياطاً وحفْظاً، والتلف ما جاء مما أتَى به ويجري هدا الخلاَفُ فيما إذا قَالَ: لا تقفل عليه، فأقفل، أو لا تَقْفِل عليه، إِلاَّ قُفْلاً واحداً، فأقفل قُفْلَيْن، أَو لا تَغْلِق باب البيت، فأغلقه، وإِن كان في الصحراء، وأخَذَ اللُّص من جنب الصندوق، فوجهان منقولان في "التتمة":