للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمالُ للمسلمين. وعند أبي حنيفة -رحمه الله- أنها صحيحةٌ، وبه قال أحمد في أصحِّ الروايتَيْنِ عنه، وفي "شرح أدب القاضي" لأبي عاصمٍ العبَّادِيِّ وجهٌ مثله.

وقال في "التتمة" للإمام: رد هذه الوصية.

وهلْ له إجارتها ليُبْنَى عَلَى أن الإمام، هلْ يُعْطَى حكْمَ الوارث الخاصِّ؟ إذا عُرِفَ ذلك، ففي الوصية للوارِثِ طريقان:

أصحهما: أن الحكُمَ، كما لو أوصَى لأجنبيٍّ بالزيادة على الثلث، حتَّى يرتدَّ بردِّ سائر الورثة، وإن أجازوا، فعلى القولَيْن، وقد نصَّ عليهما في "الأم":

أحدهما: أن إجازتهم ابتداءُ عطيةُ والوصية باطلة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ الله قَد أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، إِلاَّ لاَ وَصِيَّةَ لِوَارِثِ" (١).

والأصحُّ، وبه قال أبو حنيفةً، ومالك، وأحمد -رحمهم الله- إنها تنفيذٌ لما فعله المُوصِي، وللذي فعَلَهُ. انعقادٌ واعتبارٌ؛ لما رُوِيَ عنِ ابنِ عبَّاس -رضي الله عنه- أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "لاَ تَجُوزُ الوَصِيَّةُ لِوَارِثِ إِلاَّ أنْ يُجيزَهَا الوَرَثَةُ". وُيرْوَى: "لاَ وَصِيَّةَ لِوَارِثِ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ الْوَرَثَةُ" (٢).

والطريقُ الثانِي: أنَّها باطلةٌ، وإن أجاز الورثة، بخلافِ الوصيَّة للأجنبيِّ بما زاد على الثلث، والفرق أن المنع من الزيادةِ لحَقِّ الورثة، فهذا رضُوا، جوَّزنا، والمنع هاهنا لتغيير (٣) الفروض التي قدَّرها الله تعالَى للورثة عَلَى ما أشْعَرَ الخبر، فلا أثَرَ


(١) رواه أبو داود. والترمذي. وابن ماجه من حديث أبي أمامة باللفظ التام، وهو حسن الإستاد، وكذا رواه أحمد. والترمذي. والنسائي. وابن ماجه، من حديث عمرو بن خارجة، ورواه ابن ماجه من حديث سعيد بن أبي سعيد عن أنس, ورواه البيهقي من طريق الشَّافعي عن ابن عيينة عن سليمان الأحول عن مجاهد: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا وصية لوارث، قال الشَّافعي: وروى بعض الشاميين حديثاً ليس مما يثبته أهل الحديث، فإن بعض رجاله مجهولون، فاعتمدنا على المنقطع مع ما انضم إليه من حديث المغازي، وإجماع العلماء على القول به، وكأنه أشار إلى حديث أبي أمامة المتقدم، ورواه الدارقطني من حديث جابر وصوب إرساله من هذا الوجه، ومن حديث علي وإسناده ضعيف، ومن طريق ابن عباس بسند حسن، وفي الباب عن معقل بن يسار عند ابن عدي، ومن حديث خارجة بن عمرو عند الطبراني في الكبير، ولعله عمرو بن خارجة انقلب. قاله الحافظ في التلخيص.
(٢) رواه الدارقطني من حديث ابن عباس باللفظ الأول، وأبو داود في المراسيل من مرسل عطاء الخراساني به ووصله يونس بن راشد فقال عن عكرمة عن ابن عباس أخرجه الدارقطني والمعروف المرسل، ورواه الدارقطني من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وإسناده واهي، ورواه الدارقطني أيضاً من حديث عمرو بن خارجة باللفظ الثاني وهو عند البيهقي.
(٣) في ز: لتعيير.

<<  <  ج: ص:  >  >>