وعن رواية الشيخ أبِي عَلِيٍّ عن أبِي إسحاق انها لا تتجدد أيضاً؛ لأن تصرف المشتري إذا كان مبطلًا للشفعة لا يكون مثبتاً لها، كما إذا تحرم بالصلاة، ثم شك، فجدد نية وتكبيراً لا تنعقد بها الصلاة؛ لأنه يجعل بها الحِلُّ، فلا يحصل العقد.
ووجه ظاهر المذهب، وهو أن للشفيع نقض تصرف المشتري؛ لأن حقه ثابت بأصل العقد، فلا يتمكن المشتري من إبطاله، ولا يشبه تصرف المفلس، وتصرف المَرْأَةِ في الصَّدَاقِ، فإن حق البائع والزوج لا يبطل بالكليّة، بل ينتقل إلى الثمن، أو القيمة، والواهب رضي بسقوط حقه حيث سلمه إليه، وسلطه عليه وهاهنا يبطل حق الشفيع بالكلية، ولم يوجد منه رضا، ولا تسليم.
قال الشيخ أبُو عَلِيٍّ: ويجوز أن يبنى الوجهان على القولين فيما إذا عتقت الأمة تحت عبد، وطلقها قبل أن تختار الفسخ، هل ينفذ الطلاق؟ ووجه الشبه أن الطلاق يبطل حقها في الفسخ، ولم تتسلط عليه كما ذكرنا في الشفيع وحكى القاضي أبُو الطَّيِّبِ عن القاضي الماسرجسي أنه لا ينقض تصرُّف الوقف، وينقض ما عداه.
إحداها: إذا اختلف المشتري والشفيع، فقال المشتري للشفيع: عفوت عن الشفعة، أو قصرت، وسقط حقك، وأنكر الشفيع، فالقول قوله؛ لأن الأصل بقاء حقه.
الثانية: قال المشتري: اشتريت بألف، وقال الشفيع: بل بخمسمائة، فالقول قول المشتري (١)؛ لأنه أعلم بالعَقْدِ الذي بَاشَرَهُ من الشفيع، ولأن الأصل بقاء ملكه حتى
(١) بيمينه، وينبغي كما قال الزركشي أن محل ذلك إذ لم يدع ما يكذبه الحس كما لو ادعى أن الثمن ألف دينار وهو يساوي ديناراً، لم يصدق. قال الشيخ أَبو حامد: وإنما لم يجعل القول قول الشفيع في قدر الثمن، وإن كان غارماً؛ لأن القول قول الغارم في حالة التلف؛ لأنه يغرم ولا يملك بالغرامة مالًا وليس كذلك هنا.