للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الرَّافِعِيُّ: في الفصل مسألتان:

إحداهما: لو عيّن للكيل مَا لاَ يَعْتَاد الكَيْل به كالكُوز (١) فسد السلم؛ لأن مِلْئَه مجهول القدر؛ ولأن فيه غَرَر لا حاجة إلى احْتماله، فإنه قد يتلف قبل المحل، وفي البيع لو قال: بعتك ملء هذا الكُوز من هذه الصُّبْرَة فوجهان بناء على المعنيين.

والأصح: الصِّحَّة اعتماداً على المعنى الثاني.

ولو عَيَّن في البيع أو السَّلَم مكيالاً معتاداً، فهل يفسد العقد؟ فيه وجهان:

أحدهما: نعم لتعرضه للتلف.

وأصحُّهما: لا، ويُلْغَى الشرط كسائر الشُّروط التي لا غرض فيها.

والسَّلم الحال كالمُؤَجَّل، أو كالبَيْع فيه وَجْهان:

جواب الشيخ أبي حامد منهما: أنه كالمؤجل؛ لأن الشافعي -رضي الله عنه- قال: لو أصدقها (٢) مِلْءِ هذه الجَرَّة خلاًّ لم يصح، لأنها قد تَنْكسر فلا يمكن التسليم، كذلك هاهنا.

ولو قال: أسلمت إليك في ثوب كهذا الثوب أو في مائة صَاعٍ من الحِنْطَة لهذه الحِنْطة، فقد قال العراقيون: لا يصح إِذْ ربما يتلف ذلك المحضر كماَ في مسألة الكُوز.

وفي "التهذيب": أنه يصح ويقوم مقام الوَصْف.

ولو أسلم في ثَوْب ووصفه ثم أسلم في ثَوب آخر بتلك الصِّفة إنْ كانا ذاكرين لتلك الأوصاف.

الثَّانية: لو أسلم في حِنطَة ضَيْعَة بعينها أو ثمرة بُسْتان بِعَيْنه أو قرية صغيرة لَمْ يَجُز وعللوه بشيئين:

أحدهما: أنَّ تلك البُقْعَة قد تُصيبها جَائِحَة فتنقطع ثمرته وحِنْطَته، فإذاً في التَّعْيين غَرَرٌ لا ضرورة إلى احتماله.

والثَّاني وهو المذكور في الكتاب: أنَّ التَّعْيِين ينافي الدَّينية من حيث إنه يضيق مجال التَّحْصِيل، والمسلم فيه ينبغي أن يكون دَيْناً مرسلاً في الذِّمَّة؛ ليتيسر أداؤه.

وإنْ أسلم في ثَمَرةِ ناحية أو قرية كبيرة، نظر إنْ أراد المسلم فيه تَنوّع المسلم فيه كَمَعْقلي البَصْرَة، فإنه مع معقلي بغداد صنف واحد.، لكن كل واحد منهما يمتاز عن


(١) لأنه مجهول، ولأن فيه غرراً لأنه قد يتلف قبل المحل.
(٢) في ط: أسلم في.

<<  <  ج: ص:  >  >>