للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاح، فلا حاجة إلى شرط القطع، ولكن يشترط ظهور المَقْصُود، فلو باع ثمرة لا كمَام (١) لَهُمَا كالتِّيْن والعِنَب والكُمثري جاز، سواء باعها على الشَّجرة أو على وجه الأرض، ولو باع الشَّعِير أو السُّلْت مع السَّنَابِل جاز بعد الحَصَاد وقبله، لأن الحَيَّات ظاهرة في السُّنْبُلة، ولو كان للثمرة أو كِمَام، لا يزال إلاَّ عند الأكل كالرُّمَّان والعَلَس فكمثل، ما له كِمَامَان يزال أحدهما ويبقى الآخر إلى وقت الأكل، كالجَوْز واللَّوْز، والرَّانج يجوز بيعه في القِشْرَة السُّفْلَى، ولا يجوز في العُلْيَا لا على رأس الشجر، ولا على وجه الأرض لتستر المقصود بما ليس من صلاحه، وفيه قول أنه يجوز ما دام رطباً (٢) في القشرة العليا، وبه قال ابن القَاص والاصْطَخْري لتعلّق الصلاح به من حيث أنه يَصُون القِشْرَة السُّفْلى ويحفظ رُطُوبَة اللُّبِّ، وبيع البَاقِلاّء في القشرة العليا على هذا الخلاف، وادعى الإمام أن الأظهر فيه الصِّحة؛ لأن الشّافعي -رضي الله عنه- أمر بعض أعوانه بأنْ يشتري له البَاقِلاّء الرّطب (٣).

وما لا ترى حَبّاته في السُّنْبُلة كالحِنْطة والعَدَسِ والسِّمْسِم لا يجوز بَيْعُه في السُّنْبُلَة دون السُّنْبُلَة ومعها قولان:

والقديم: الجواز لما روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَبِّ حَتَّى يَشْتَدَّ" وقد اشتد.

والجديد: لتستر المقصود بما لا يتعلق به الصلاح كبيع تراب الصَّاغَة والكُدْس بعد الدِّبَاسَة وقبل التَّنْقِية والأُرْز كالشَّعِير يباع في السَّنَابل -لأنه يدخر في قِشْره وبهذا قال ابن القَاص وأبو علي الطَّبَرِي، ومنهم من قال: هو كالحِنْطَة.


(١) الكمام بالكسر أوعية الطلع واحدها كم بكسر الكاف وكماية والجمع كمام وأكاميم. قاله الجوهري.
(٢) لأنه يصون القشرة السفلى ويحفظ رطوبة اللب فكان من مصلحته وفي شرح التلخيص للقفال عن الربيع أنه قال: مر الشافعي ببغداد بباب الطاق فأعطاني كسرة فاشتريت له بها الباقلاء الأخضر، وفي شرحه أيضاً للشيخ أبي علي، وفي تعليق القاضي الحسين نحوه أيضاً. والكسرة هي القطعة من الدرهم والدنانير ويكسر منه للحوائج الصغار ومع ذلك قول الفقهاء الدراهم المكسرة والقراضة، وتسمية القطعة بالكسرة كان مشهوراً أيضاً في بلاد الشرق وهو صحيح في اللغة أيضاً. قال الجوهري: الكسرة هي القطعة من الشيء.
(٣) قال النووي: المنصوص في الأم أنه لا يصح بيعه قال صاحب التهذيب وغيره هو الأصح، وبه قطع صاحب التنبيه هذا إذا كان الجوز واللوز والباقلاء رطباً، فإن بقي في قشره الأعلى فيبس لم يجز بيعه وجهاً واحداً إذا لم تجوز بيع الغائب كذا قاله الإمام، وصاحب التهذيب وغيرهما، وحكى فيه صاحب التتمة وجهاً أنه يصح، وإن أبطلنا بيع الغائب، ويصح بيع طلع النخل مع قشره في الأصح.

<<  <  ج: ص:  >  >>