قال ابن أبي هريرة: للمشتري السَّقي، ولا يبالي برضا البائع، لأنه قد رضي به حين أقدم على هذا العقد، وقال أبو إسحاق: يفسخ العقد لتعذر إمضائه إلاَّ بإضرار أحدهما، فإن سامح أحدهما الآخر أقر، وهذا أظهر، وإن أضر بالأشجار ونفع الثمار، وتنازعا جرى الوجهان، فعند ابن أبي هريرة للبائع السَّقي.
وقول أبي إسحاق لا يختلف فهذا ما نقله الجمهور، واقتصروا عليه.
وحكى الإمام وصاحب الكتاب في الصورتين ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه يجاب المشتري إلى مطلوبه، لأنه التزم سَلاَمَة الأشجار للبائع.
وثانيها: أن يجاب البائع لاستحقاقه إبقاء الثمار.
والثالث: يتساويان، وترجيح الوجه الأول مما لم أرَه إلا لصاحب الكتاب.
ولو كان السَّقْي يضر بأحدهما، وترك السَّقْي يمنع حصول زيادة في جانب الثاني، ففي الْتِحاقه بتقابل الضَّرر احتمالان عند الإمام.
الصورة الثالثة: لو لم يسق البائع، وتضرَّر المشتري ببقاء الثمار لامتصاصها رطوبة الأشجار، أجبر على السقي أو القطع فإن تعذَّر السقي لانقطاع الماء فيه القولان السابقان (١).
قال الرَّافِعِيُّ: قد ذكرنا في اللفظ الخامس حكم بيع الأشجار دون التعرض للثمار، والغرض الآن الكلام في بيع الثمار دون التَّعرض للأشجار، وهي إمَّا أنْ تباع بعد بُدُوِّ الصَّلاحَ، أو قبله.
(١) قال النووي: هذان القولان فيما إذا كان للبائع نفع في ترك الثمرة، فإن لم يكن وجب القطع بلا خلاف، كذا قاله الإمام وصاحب التهذيب.