ثانياً: تذكار ما وقع في تلك المواقع الطاهرة لعباد الله تعالى المكرمين من العوذ بإلههم وتفضله عليهم بالقبول كذكر ما كان من التجاء أبي البشر وزوجه إلى الله في تلك البقاع والتوبة عليهما وغير ذلك مما سنذكر في الكلام على أفعال الحج لقتدي الحاج بهم في الالتجاء ويتشبه بهم في اللياذ ويتصف بآدابهم مع ربّ الأرباب، ويتخلّق بأخلاقهم الطاهرة، ويسير على سننهم المستقيم علّه يلحق بهم في الغفران ويضاف إليهم في القبول. وثالثاً: استجابة دعاء خليل الرحمن القائل فيه: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} كما استجاب له إذ قال: {وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا} فإن في استجابة ذلك الدعاء عمار تلك الأمكنة الطاهرة وحياة أهلها أبناء إسماعيل عليه السلام. ورابعاً: تمكن المسلمين من الاجتماع بدون رقيب، ولا عتيد فإن هاته الأماكن في جزيرة العرب التي أخلاها الإسلام من جميع ما سواه من الأديان، ولأنه جعل الأماكن المذكورة حَرَماً آمناً من أن تحلّ به قدم شخص يخالف عقيدة الإسلام، فلا يجد الموحّدون المجتمعون فيه من يضايقهم في اجتماعهم، ويحصي عليهم ما يسرّون وما يعلنون - فيأخذون بأطراف الأحاديث، ويصلحون أمر دينهم ودنياهم، وهم في حرز حصين وحياطة من رب العالمين].