قال الرافعي: إذا أحرم الأجير عن المستأجرِ، ثُمَّ صَرَفَ إلى نفسه ظَنَّا منه بأنه يَنْصرف وأَتَمَّ الحج على هذا الظَّنَ فالحج للمُسْتَأْجِرِ، وفي اسْتِحقَاقِ الأَجِير الأُجْرَة قولان. أحدهما: أنه لا يستحق، لأنه أعرض عنها، حيث قصد بالحجِّ نَفْسَه.
وأصحهما: أنه يستحق لِصِحة العَقْدِ في الإبتداء، وحصول غرض المستأجر، وهذا الخِلافَ مجرى، فيما إِذَا دَفَعَ ثَوْبًا إلى صَبَّاغٍ ليصبغه فأمسكه وجحدةُ وصبغه لنفسه، ثم رَدَّه هل يستحق الأجرة؟ وقس على هذا نظائرة، وإذا قلنا بإستحقاق الأجرة؟ فالمستحق المسمى أو أجرةُ المثل، حكى صاحب "التتمة" فيه وجهين.
قال الرافعي: غرض الفصل بالكلام فيما إذا مات في أَثْنَاءِ الحَجِّ، وقد قدم عليه مقدمة وهي أن الحَاجّ لِنَفْسِهِ إذا مات في أثناء الحَجِّ هل يجوز البنَاء على حَجِّه؟ وفيه قولان: شبهوهما، بالقولين في جواز البناء على الأذان والَخُطْبَة، وفي جواز الاستخلاف، وإن اختلفت الصور في الأظهر منها.
الجديد: الصحيح أنه لا يجوز البناء، على الحَجِّ؛ لأنه عبادة يفسد أوَّلُهَا بِفَسَادِ آخِرِهَا فأشبهت الصَّوْمَ، والصَّلاة، ولأنه لو أُحْصِر، فتحلل ثم زَالَ الحَصْرُ، فأراد البِنَاءَ عليه لاَ يَجُوز، فإذا لم يجز له البنَاء على فِعلِ نَفْسِهِ فأولى أن لا يجوز لِغَيْرِه البِنَاءُ عَلَى فِعْلِهِ. والقديم: الجواز؛ لأن النيَابة جاريةٌ، في جميع أفعال الحَجِّ فتجري في بعضها كتفرقة الزَّكَاة.