كما لو زاد، ورأى أن ذلك كله لم يكن له هو فيه صنع، وأن عظام الآدمي ما بين طوال وقصار، ودقاق وغلاظ، فلو قد قصر الطويل منها أو طال القصير أو دق الغليظ، وغلظ الدقيق لاختل بذلك نفعه. فإذا صح المؤمن، وقد أعطي الآن الحركة لما أتقن فيه من تركيب العظام وجعلها جسما صلبًا لا يضعف منه انبوب ساقه عن حمل بدنه نفسه، وعن حمل ما يحمله بدنه أيضًا ولا عظم زنده عن إقلال حمل ما يرفعه بيده، ولا عظام أضلاعه عن وقاية حشاه، ولا عظم نافوخه عن صيانة دماغه، تعين عليه أن يشكر فاعل هذا به شكرًا محتمًا، فنبه الشرع على أن يقابل هذه النعمة بما ذكره، إلا أنه لطف به في تسمية ذلك صدقة مخرجًا لها مخرج ما يثاب عليه ويؤجر فيه، ثم احتسب له بقول (سبحان الله، والحمد الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، وأمر بمعروف ونهي عن منكر)، ثم لطف به حتى جمع ذلك كله بأن يصلي ركعتين من الضحى على معنى أنه إذا قام فدعمته عظامه، وإذا ركع استوت له عظامه في ركوعه، وإذا سجد وجلس فحينئذ يذكر بهاتين الركعتين مطاوعة الأعضاء له في جميع أشغاله (١٧٦/ ب) فيكون بهاتين الركعتين جامعًا لشكر هذه العظام عن جميع أشغاله من غير الصلاة كالنعمة بها عليه في الصلاة.
- ٣٧٣ -
الحديث السادس:
(عن أبي ذر قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (عرضت على أعمال أمتي: حسنها وسيئها، فوجدت في محاسن أعمالها: الأذى يماط عن الطريق، ووجدت في مساوئ أعمالها النخامة تكون في المسجد لا تدفن))