واستدل بها من لم يجوز ذبحه قبل يوم النحر؛ لأن المحل يقع على الوقت والمكان جميعاً (١)، ومن لم يجوز التحلل لفاقده (٢)، ومن لم ير له بدلاً، ومن لم يوجب عليه القضاء؛ لأنه تعالى لم يذكرهما (٣)، ومن لم يكتف بالشاة لواجد البدنة والبقرة (٤)؛ لأنه علقه بالاستيسار، ومن لم يجوز الاشتراك فيه؛ لأن مقتضى قوله: ﴿مِنَ الْهَدْيِ﴾: هدي كامل، والمتقرب بمشترك فيه إنما تقرب ببعض هدي، ومن أباح التحلل للمكي (٥).
واستدل بقوله: ﴿وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ﴾، على أن الحلق قبل الذبح في المحصر وغيره؛ بناء على أن النهي عن الحلق عام له ولغيره (٦)، وقد تقدم عن ابن عباس (٧)، وعلى أن الحلال إذا حلق رأس المحرم لا شيء عليه؛ لأن الخطاب مع المحرمين (٨).
(١) ومحلّه الزماني يوم النحر، والجمهور حيث أُحصر.
(٢) لأنّ التحلل مشروط بالإتيان بالواجب عليه، وهو ما تيسر من الهدي ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾؟.
(٣) أي: البدل والقضاء، والمقام مقام تشريع، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.
(٤) وهذا تيسرت له البدنة أو البقرة، فلا يجوز له العدول إلى الشاة.
(٥) لأنّ قوله ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ﴾ يشمل المكي وغيره، فيتحلل بذلك، وهذا على قول الجمهور، بأن قوله: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ اسم الإشارة يعود إلى الدم، والتمتع فيسقط منه دم الإحصار، فيتحلل منه.
(٦) وجه العموم ضمير الجمع.
(٧) لما سأله السائل .... : « … وأحلق قبل أن أذبح، أو أذبح قبل أن أحلق؟ فقال له: خذ ذاك من كتاب الله، فإنّه أجدر أن يحفظ ثم قرأ ﴿وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾ وقال: فالذبح قبل الحلق.
(٨) ذكر ابن الفرس (١/ ٢٤٣) العكس وهو أليق؛ لأنّ الحديث عن المحظورات.