• قوله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ﴾.
قال ابن عباس: الفضل عن العيال، أخرجه الطبراني وغيره، ففيه تحريم الصدقة بما يحتاج إليه لنفقة من تلزمه نفقته (١).
واستدل به سحنون على منع أن يهب الرجل ماله بحيث لا يبقى له ما يكفيه.
• قوله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ﴾ الآية [٢٢٠].
قال إلكيا: فيه دلالة على جواز خلط الولي ماله بماله (٢)، وجواز التصرف فيه بالبيع والشراء إذا وافق الإصلاح (٣)، وجواز دفعه مضاربة إلى غيره.
وفيه دلالة على جواز الاجتهاد في أحكام الحوادث؛ لأن الإصلاح الذي تضمنته الآية إنما يعلم من طريق الاجتهاد، وغالب الظن.
وفيه دلالة على أنه لا بأس بتأديب اليتيم وضربه بالرفق لإصلاحه (٤) انتهى. وفيه دلالة على جواز خلط أزواد الإخوان (٥).
(١) لأنّ قوله: ﴿قُلِ الْعَفْوَ﴾ معناه: أنفقوا العفو، وهو أمر بعد سؤال عن أمر أخروي، فيحمل على الوجوب أو الندب، وهو مأمور بالنفقة على عياله؛ لتفسير ابن عباس، وهذا يقتضي تحريم الصدقة بما يحتاج عياله.
(٢) لأنّه سبحانه علل ذلك بكونهم إخواننا، ومن المتأكد مخالطة الإخوان.
(٣) لأنّه أمر بذلك بقوله: ﴿إِصْلَاحٌ لَهُمْ﴾ أي: أصلحوا لهم، وهو مصدر نائب عن فعل الأمر.
وهو وإن ورد بعد سؤال في أمر تتعلق مصلحته بالدنيا، مما يجعله مباحًا، إلّا أن وصف الفعل بأنّه ﴿خَيْرٌ﴾، والحث على مخالطتهم يرفعه إلى الوجوب أو الندب.
(٤) لم يقل سبحانه (إصلاحهم) وإنّما قال: ﴿إِصْلَاحٌ لَهُمْ﴾ حتى يشمل صلاح الدين، والبدن، والأدب، والخلق، وصلاح المال.
(٥) ﴿فَإِخْوَانُكُمْ﴾ أي: فإنهم إخوانكم، وهذه العلة ثابت بالإيماء، ولما علل مشروعية ذلك بأموال اليتامى، دلّ على أنّ الإخوان كذلك، وكما أن العلة التي جاز فيها الخلط بين الإخوان هي المشقة، جعل المولى الخلط مع مال اليتيم كذلك، لذات العلة.