مسمى أن الله أحلَّه وأذن فيه ثم قرأ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله: ﴿إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ قال: معلوم.
ففي الآية إباحة السلم، والاستدانة مطلقاً (١).
واستدل بها مالك على جواز تأجيل القرض (٢).
وفيها أن الأجل المجهول لا يجوز، فيستدل بها على بطلان كل بيع وسَلَم وعقد جرى فيه ذلك (٣).
قال ابن الفرس: وفيها دليل على أن السلم لا يكون إلا مؤجلاً.
وفيها الأمر بالكتابة، فقيل: إنه للندب، وقيل: للوجوب، ويؤيد الأول قوله:
(١) لعموم قوله: ﴿إِذَا تَدَايَنْتُمْ﴾ وهي نكرة في سياق شرط، والعبرة بعموم اللفظ.
والبيوع الجائزة المتعلقة بالدين نوعان:
الأوّل: بيع السلعة في الذمة إلى أجل مسمى وهو السلم -الذي استدل به المؤلف بالآية على إباحته- وهو: تعجيل الثمن وتأخير المثمن، أو بيع الدين بالعين، أو بيع عاجل بآجل.
والنوع الثاني: بيع السلعة المعينة بثمن إلى أجل مسمى، ومنها: الاستدانة التي ذكرها المصنف، وهي: بيع العين بالدين، أو بيع آجل بعاجل.
(٢) لقوله تعالى: ﴿إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ ولم يفصل بين القرض وسائر العقود في المداينات، فدخل في عموم المدانيات، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وقبلهما ابن عمر وجماعة من السلف، وخالف في ذلك جمهور أهل العلم، ومحل الخلاف فيما إذا اتفق الطرفان على تأجيله، فهل يلزم التأجيل أو لا يكون ملزمًا؟
فقال الجمهور بعدم اللزوم؛ لأنّ القرض عبارة عن إرفاق وتبرع، والتأجيل عبارة عن وعد، والوعد ليس بملزم.
أمّا من قال باللزوم فاستدل بقوله ﵇: «المؤمنون على شروطهم».
(٣) وهذا بالاتفاق؛ لما فيه من الغرر العظيم، وما يؤدي إليه من تنازع، وهذا الحكم مأخوذ من مفهوم قوله: ﴿أَجَلٍ مُسَمًّى﴾، وفسره ابن عباس بالمعلوم.