وأقروا بنبوة مسيلمة، فلم ينفعهم النطق بالشهادتين، وكذا السبئية الذين حرقهم علي كانوا يظهرون الإسلام، ويقولون: لا إله إلا الله.
ولا شك أن هذه شبهة داحضة، وجوابها ظاهر، فدعوى أن من قال لا إله إلا الله؛ لا يكفر إذا سب الله، أو سب كتابه، أو سب رسوله ﵊، أو امتهن المصحف كما لو بال عليه، أو وسخه بنجاسة؛ دعوى باطلة، فحكمه الكفر ولو كان ينطق بالشهادتين، ولو كان يصلي ويصوم، ولو أقر بكل ما جاء به الرسول ﵊، فالنطق بالشهادتين لا يمنع من الكفر إذا وقع فيه المتكلم، أو أتى ناقضًا من نواقض الإسلام يوجب ردته.
وهؤلاء الذين يحتجون بهذه الشبهة متناقضون، فإنهم يقرون بأن من أنكر البعث كفر، ولو قال: لا إله إلا الله، وهذا حجة عليهم؛ فإذا علم أنه ليس كل من قال: لا إله إلا الله يكون معصوم الدم والمال، ولا كل من قالها لا يكون كافرًا؛ بل قد يكفر الإنسان بمكفر من المكفرات، وإن كان يقول: لا إله إلا الله.
وسبب ضلالهم وتعلقهم بهذه الشبهات: الجهل وعدم النظر والتدبر للأحاديث طلبًا للحق، وهكذا أصحاب الباطل لا بد أن يتناقضوا، وأقوال أهل الضلال متناقضة.
وكذا من أنكر وجوب الصلاة والزكاة، أو وجوب الصيام؛ فإنه يكفر عند هؤلاء ولو كان يقول: لا إله إلا الله، فكيف يكفر ويستوجب القتل من أنكر شيئًا من الفروع ولا يكفر من نقض التوحيد الذي هو الأصل؟!