للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعض البلاد، وقد دله الشيطان على تلك الأصنام، فاستخرجها (١)، ودعاهم إلى عبادتها فأجابوه، ودفع لكل قبيلة منها واحدًا - والعياذ بالله -، فلما بعث الله نبيه محمدًا كسر الأصنام كلها: التي حول الكعبة والتي في الحجاز، والتي في شمال الجزيرة، وفي اليمن، وبعث إليها من يهدمها مثل ما أرسل إلى الأصنام الكبيرة التي ذكرها الله في كتابه، وهي: اللات، والعزى، ومناة.

وقوله: «أرسله الله إلى أناس .... »؛ أي محمدًا ، وهو خاتم النبيين، فلا نبي بعده، ودينه هو دين إخوانه الأنبياء من قبله، وهو: التوحيد والإسلام، ف «الأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى، ودينهم واحد» (٢)، وقد أرسله الله إلى الثقلين: الجن والإنس، ولكن أول من أرسل إليهم هم عشيرته، ثم مَنْ حولَ أمِ القرى، فبدأ بقومه، وكانوا يؤمنون بأنه تعالى خالق كل شيء، لكنهم يجعلون بينهم وبين الله وسائط في العبادة، فيعبدون هذه الوسائط؛ زاعمين أنها تقربهم إلى الله زلفى، وأنها تشفع لهم، فيعبدونهم مع الله، كما قال الله تعالى عنهم: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر: ٣]، وقال سبحانه: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللّهِ﴾ [يونس: ١٨]، فهم يقولون: نريد منهم أن يقربونا إلى الله، ونريد شفاعتهم.

فبين لهم أن العبادة محض حق الله؛ وأن الشفاعة كلها لله، وإنما تطلب منه سبحانه؛ قال تعالى: ﴿قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ


(١) ذكره ابن الكلبي في «الأصنام» ص ٥٦، ونقله عنه جماعة.
(٢) رواه البخاري (٣٤٤٣) - واللفظ له -، ومسلم (٢٣٦٥) عن أبي هريرة .

<<  <   >  >>