للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويخافون عذابه، وهذه الآية قيل: إنها نزلت في الذين كانوا يعبدون الملائكة، والمسيح وعزيرًا (١)، وقيل: إنها نزلت في قوم من العرب كانوا يعبدون ناسًا من الجن، فأسلم الجن وبقي أولئك على شركهم (٢).

وقال سبحانه ذامَّا النصارى في غلوهم في المسيح ابن مريم: ﴿مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُون (٧٥) قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم (٧٦)[المائدة]، ومن ذلك قوله سبحانه: ﴿وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوب (١١٦)[المائدة].

فالله كفَّر النصارى لغلوهم في المسيح وأمه، وتأليههم للمسيح وأمه.

ودليل الشرك بالملائكة قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاء إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُون (٤٠) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُم بِهِمْ مُّؤْمِنُون (٤١)[سبأ]؛ فهؤلاء كانوا يعبدون الملائكة، ولكنَّ الملائكة تتبرأ منهم ومن شركهم في الدنيا والآخرة؛ لأن الملائكة لا يرضون بأن يعبدهم أحد.

فبهذا يُعرف أن المشركين ليسوا كلهم يعبدون الأصنام، بل منهم من يعبد الأصنام ومنهم من يعبد الأنبياء ومنهم من يعبد الأولياء ومنهم من يعبد الملائكة.


(١) تفسير الطبري (٩/ ١/ ١٠٤) من قول ابن عباس .
(٢) رواه البخاري (٤٧١٤) من كلام ابن مسعود .

<<  <   >  >>