للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وترى من يعمل به ظاهرًا لا باطنًا، فإذا سألته عما يعتقد بقلبه؛ إذا هو لا يعرفه، ولكن عليك بفهم آيتين من كتاب الله تعالى:

أولاهما: قوله تعالى: ﴿لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إ﴾ [التوبة: ٦٦]، فإذا تحققت أن بعض الصحابة الذين غزوا الروم مع الرسول كفروا بسبب كلمة قالوها على وجه المزح واللعب؛ تبين لك أن الذي يتكلم بالكفر أو يعمل به خوفًا من نقص مال أو جاه أو مداراة لأحد؛ أعظم ممن يتكلم بكلمة يمزح بها.

والآية الثانية: قوله تعالى: ﴿مَنْ كَفَرَ بِاللّهِ مِنْ بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيم (١٠٦)﴾ ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الْدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ﴾ [النحل].

فلم يعذر الله من هؤلاء إلا من أكره مع كون قلبه مطمئنًا بالإيمان. وأما غير هذا، فقد كفر بعد إيمانه؛ سواء فعله خوفًا، أو مداراة لأحد، أو مشحة بوطنه أو أهله، أو عشيرته، أو ماله، أو فعله على وجه المزح، أو لغير ذلك من الأغراض إلا المكره، فالآية تدل على هذا من جهتين:

الأولى قوله: ﴿إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ﴾ [النحل: ١٠٦]، فلم يستثن الله تعالى إلا المكره، ومعلوم أن الإنسان لا يكره إلا على الكلام أو الفعل.

وأما عقيدة القلب، فلا يكره عليها أحد.

<<  <   >  >>