للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمنكر والممنوع هو الاستغاثة بالأموات والغائبين، فالاستغاثة بهم لا تجوز مطلقًا؛ لا فيما يقدر عليه المخلوق، ولا فيما لا يقدر عليه؛ لأن الميت لا يقدر على شيء.

ولما مات الرسول لم يكن الصحابة يأتون إلى قبره - وهو أفضل الخلق -، والصحابة أعلم الخلق بما يليق به ، وبما لا يليق، وقد حصل لهم قحط شديد في السنة السابعة عشرة من الهجرة، فلم يأتوا إلى قبره ليستغيثوا به، بل استغاثوا بالله، وطلب عمر الفاروق من العباس ؛ أن يدعو الله (١)، فتبين بهذا الفرق بين الاستغاثة بالحي والميت.

فإذا ثبت أن الاستغاثة بالحي فيما يقدر عليه جائزة؛ تبين أن الاستغاثة بالأنبياء يوم القيامة من هذا النوع، فالناس إذ ذاك يريدون منهم أن يدعوا الله أن يحاسب الناس حتى يستريح أهل الجنة من كرب الموقف، وهذا جائز في الدنيا والآخرة، كما كان أصحاب رسول الله يسألونه ذلك في حياته. أما بعد موته، فلم يحصل من ذلك شيء، بل ثبت عن السلف أنهم كانوا ينكرون على من يدعو الله عند قبره .

يقول الشيخ: «ولهم شبهة أخرى، وهي: قصة إبراهيم لما ألقي في النار اعترض له جبريل في الهواء، فقال له: ألك حاجة؟ فقال إبراهيم : أما إليك فلا، قالوا: فلو كانت الاستغاثة بجبريل شركًا لم يعرضها على إبراهيم … » إلى آخره.


(١) تقدم في ص ٦٣.

<<  <   >  >>