فمتى تحقق ظنه بالوجدان علم قطعًا ثبوت ما نيط به إجماعًا بل ضرورة من الدين، فقد أفضى به ظنه إلى العلم بالأحكام أنفسها ووجب عليه العمل بمقتضى ظنه لذلك ومعنى وجوب العمل بمقتضاه أنه يجب عليه اعتقاد وجوب العمل واتباعه إن تعلق به أو اعتقاد ندبيته أو إباحته أو حرمته أو كراهته، وأما الإتيان بالفعل فعلى مقتضى حكمه أو نقول علمه بوجوب اتباع الحكم المظنون بوصله إلى العلم بثبوته من اللَّه تعالى فى حقه مع مقلديه بأن يقول هذا حكم يجب عليَّ اتباعه وما ليس حكمًا ثابتًا من اللَّه تعالى فى حقى لا يجب علىَّ اتباعه والمقدمتان قطعيتان فكذا النتيجة، أعنى كونه حكمًا ثابتًا من اللَّه تعالى فى حقى فإذا قيل الجوابان إنما يصحان على مذهب المصوبة القائلين بكون الأحكام تابعة لظنه وأما عند غيرهم فيجب عليه اتباع ظنه ولو خطأ، فلا يكون مناطًا للحكم ولا وجوب اتباعه موصلًا له إلى العلم به فلا مخلص إلا بأن يقال الأحكام أعم مما هو حكم اللَّه تعالى فى نفس الأمر أو فى الظاهر، ومظنونه حكم اللَّه تعالى ظاهرًا طابق الواقع أو لا وهو الذى نيط بظنه وأوصله وجوب اتباعه إلى العلم بثبوته، ومن ههنا ينحل الإشكال بأنا نقطع ببقاء ظنه وعدم جزم مزيل له وإنكار مبهت فيستحيل تعلق العلم به لتنافيهما؛ وذلك لأن ظنه الباقى متعلق بالحكم قياسًا إلى نفس الأمر والعلم متعلق به مقيسًا إلى الظاهر ويتضح معنى ما قيل من أن الحكم مقطوع به والظن واقع فى طريقه وستسمع فى باب الاجتهاد كلامًا يتعلق بهذا المقام إن شاء اللَّه لا يتمكن لمن الاستدلال أصلًا، وإلا لما كان للسؤال شبهة ورود.
قوله:(وهو أن يكون) إشارة الى دفع ما يقال من أن التهيؤ القريب غير معلوم والبعيد حاصل لكل أحد يعنى أن التهيؤ القريب المختص بالمجتهد هو حصول ما يكفى فى استعلام الجميع من المآخذ والأسباب والشروط وإطلاق العلم على مثل هذا التهيؤ شائع فى العرف فإنه يقال لفلان علم النحو ولا يراد أن مسائله حاضرة عنده على التفصيل، وهذا ما يقال إن العلم عبارة عن ملكة يقتدر بها على إدراكات جزئية وأن وجه الشبه بين العلم والحياة كونهما صفتى إدراك وأن العلم صفة ينجلى بها المذكور.
قوله:(إذا عرف بعض الأحكام) أى الشرعية الفرعية، (كذلك) أى