فبالواسطة فلو كان من مبادئه لزم الدور لأنا نقول: إذا قلنا أجزاء العلوم الموضوعات والمبادئ والمسائل لا يراد بالعلوم تلك الملكات والاستعدادات وهو ظاهر ولقائل أن يمنع الدور مستندًا بأنا لا نعنى يكون الشئ كما من مبادئ علم توقف كل مسألة مسألة عليه ولا يكون الشئ من فوائده على توقفه كل مسألة مسألة فكون الإثبات أو النفى من المبادئ لتوقف بعض المسائل عليه ومن الفوائد لتوقفه على بعض المسائل لا يكون دورًا.
قوله:(وسنقف) يعنى أن المصنف جعل تصورات الأحكام من المبادئ ونفى أن تكون التصديقات التى محمولاتها الأحكام منها، وقد ذكر فى المبادئ عن الأحكام تصديقات موضوعاتها الأحكام مثل: أن الواجب الموسع وقته جميع الوقت أو أوله أو آخره وأن المندوب قيل هو تكليف وأن الحكم حاكمه الشرع أو العقل إلى غير ذلك، ولا خفاء فى أنها خارجة عن تصور الأحكام الذى هو من المبادئ وعن إثباتها أو نفيها الذى هو من الفوائد، وإن كانت المبادئ لم ينحصر المراد فى تصور الأحكام وإن كانت على سبيل الاستطراد وتكميل الصناعة لم يصح قوله وإلا جاء الدور لجواز أن يراد مثل هذا الإثبات والنفى، ويمكن أن يقال الاستمداد من الشئ يكون إلا بما فيه وليس فى علم الأحكام إلا تصوراتها والتصديق بإثباتها أو نفيها وهو يوجب الدور، فينحصر المراد فى التصور وهذا لا ينافى إثبات أحكام للأحكام استطرادًا لا استمدادًا.
قوله:(أى الإجمالية) إنما فسر الكلية بالإجمالية أى: التى ليست منصوبة على مسائل مخصوصة لأن العمومات المعينة توصف بالكلية أيضًا كما مر، والمراد توقفها من حيث إنها أدلة وحجج للأحكام كما ذكره على معرفته تعالى لا توقف وجودها عليها لأن إثباته ليس من الأصول؛ فلا يتبين بذلك استمداده من الكلام ما لم ينضم إليه أن حجيتها تتوقف على وجودها.
قوله:(ويعلم لزومه) أى لزوم التكليف وثبوته فى حقنا حين إسناد خطابه إليه تعالى، فإنه الخالق للأشياء المتصرف فيها بما شاء، فلا يلزمنا إلا تكليفه ولا يثبت علينا إلا حكمه تعالى، الذى هو خطابه النفسى ويكشف عنه الأدلة المذكورة كما سيأتى.