للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الضلالة وأن أتباع سبيل المؤمنين واجب إنما يحصل لنا بأخباره وهو أن صدق المبلغ أعنى العلم به يتوقف على دلالة المعجزة على صدقه.

قوله: (وتتوقف) أى دلالة المعجزة على قاعدة خلق الأعمال حيث بين أن المؤثر هو اللَّه تعالى وحده (وعلى إثبات العلم والقدرة) للَّه تعالى ليصح منه ايجاد الأمر الخارق للعادة على وفق دعوى النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- قصدًا إلى تصديقه فى دعواه.

قوله: (وأما الأحكام) يريد أن وجه استمداد الأصول من الأحكام إنما هو من جهة مبادئه التصورية إذ لا بد فيه من تصور الأحكام الخمسة ليمكن إثباتها ونفيها لا التصديقية بأن يعلم إثباتها أو نفيها فى آحاد المسائل على ما فى الفقه من العلم بوجوب الحج وحرمة الخمر وغير ذلك بطريق النظر والاستدلال؛ لأنه يتوقف على معرفة أحوال الأدلة فلو توقفت هى عليه كان دورًا هذا ظاهر كلام الآمدى وبعض الشارحين، ويرد عليه أنه لو أريد إثبات الأحكام ونفيها لأفعال المكلفين على ما فى الفقه لم يلزم الأصولى تصورها؛ لأن ذلك فائدة الأصول بمعنى غايته وغرضه لا بمعنى مقاصده ومسائله فلا يلزم الأصولى من حيث هو أصولى التصديق بها ولا تصور أطرافها وهذا كما أن المنطق آلة لاكتساب العلوم وليست تصورات محمولات مسائلها من مبادئه وأيضًا لزوم الدور على تقدير أن يراد بالإثبات والنفى على هذا الوجه لا يوجب انحصار المراد فى التصور لجواز أن يراد الإثبات والنفى على وجه آخر كما فى الأصول مثلًا فلذلك جعل الشارح المحقق الإثبات والنفى أعم مما فى الأصول والفقه ليلزم الأصولى تصورها، لكن لما كانت فى الشقه محمولات لمسائله وأعراضًا ذاتية لموضوعه وفى الأصول متعلقات للمحمولات إذ معنى قولنا الأمر للوجوب أنه يفيد الوجوب جعلت فى الفقه مبادئ استقلالًا وفى الأصول استمدادًا ثم نفى كون المراد العلم بإثباتها أو نفيها على ما فى الفقه لأن ذلك فائدة علم الأصول بمعنى غايته وغرضه فيتأخر عنه ضرورة، فلو توقف علم الأصول عليه كان دورًا ولم يتعرض لنفى كون المراد الإثبات أو النفى على ما فى الأصول لظهور أن ذلك من مسائله لا مبادئه وبهذا يندفع الإيراد الثانى على كلام الآمدى، لا يقال المراد بعلم الأصول الملكة والتهيؤ للعلم بجميع القواعد والعلم بإثبات الأحكام على التفصيل فائدة له متأخر حصولها عنه أما على الوجه الذى فى الأصول فالبذات وأما على الوجه الذى فى الفقه

<<  <  ج: ص:  >  >>