للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣ - ومنها- أن الحكم الصادر عن اجتهاد يجوز خلافه، ولا يفسق مخالفه، ولا يجعل أصلاً لغيره. والحكم الثابت بالإجماع على ضد ذلك. فلو جوزنا انعقاد الإجماع عن الاجتهاد، لاجتمعت هذه الأحكام المتنافية، وذلك لا يجوز.

والجواب:

أما الأول- قلنا: لا يمتنع أن الأمارة الواحدة أو الأمارات داعية لجميعهم إلى الحكم بها، لأنهم اتفقوا على اعتقاد وجوب العمل بالأمارة. فإذا ظهرت لهم الأمارة، وقد اعتقدوا وجوب العمل بها، حكموا [بها]. ولذلك جاز اتفاق الجمع العظيم على الخروج إلى الأعياد، لأنه تقرر في اعتقادهم الخروج إليها.

أما الثاني- قلنا: الخلاف في صحة القياس لم يكن في زمن الصحابة، وحدث بعدهم، فيلزمهم جواز أجماع الصاحبة عن اجتهاد. ثم نقول: لا يمتنع فيمن يعتقد بطلان الحكم [بالأمارة أن] يعتقد في الأمارة أنها دلالة، فيحكم بها، كما لا يمتنع أن يحكم بعض الأمة في الأصول والفروع بالشبهة، لاعتقادهم أنها دلالة. وكذلك لا يمتنع أن يناقض هذا القائل مذهبه، فيحكم بالأمارة إذا لم يجد غيره.

وأما الثالث- فلا نسلم أنه يؤدي إلى اجتماع هذه الأحكام، فإن جواز الخلاف ليس حكم الاجتهاد مطلقاً، بل هو حكم اجتهاد لم يقترن به الإجماع.

<<  <   >  >>