فإن قيل: إنكم بنيتم صحة الإجماع على الإجماع، وأثبتم كون الإجماع حجة بالإجماع، وهذا ظاهر البطلان- قلنا: ليس كذلك، لأنا [لا] نثبت كون الإجماع حجة بالإجماع، بل نستدل بالإجماع على صحة الحديث من الوجه الذي بينا، ثم نثبت كون الإجماع حجة بالحديث وبقول النبي عليه السلام.
* والثالث- إن كان هذا من أخبار الآحاد، لكن لما رواه العدول والثقات، غلب على ظننا صدق الراوي. وظننا أن ما اجتمعت عليه الأمة حق وصواب. فلو جاز مخالفتهم مع ذلك، لحقهم الضرر من جهة العدول عن الحق، بحكم غالب الحق، فيجب المصير إلى ما أجمعوا عليه تحرزاً عن الضرر، لأن الضرر المظنون بمنزلة الضرر المقطوع به، في وجوب التحرز عنه. كمن خرج إلى سفر فأخبره ثقة أن في الطريق لصاً أو سبعاً، أو حائطاً مائلاً [و] غلب على ظنه سقوطه- يجب عليه التحرز عن ذلك، فكذا ههنا. إلا أن هذا الوجه يصح التعلق به لإيجاب العمل بموجب الإجماع، لإفادت [هـ] العلم بكونه حقاً وصواباً.
وأما الجواب عن الاعتراضات:
أما الأول- قلنا: لا يجوز الحمل على نفى السهو لوجهين:
* أحدهما- أنه لا يفيد، لأن الجماعة العظيمة لا يتصور إجماعها على السهو عادة، كما لا يتصور إجماعها على مأكل واحد، ويصير كأنه قال:"لا تجتمع أمتي على مأكل واحد" وإنه لا يفيد.