(فقال: «ما هذان النَّهران يا جبريل؟ » قال: هذان النِّيل والفرات عنصرهما.
ثمَّ مضى به في السَّماء فإذا هو بنهرٍ آخر عليه قصرٌ من لؤلؤٍ وزبرجدٍ فضرب يده فإذا هو مسكٌ. قال:«ما هذا يا جبريل؟ » قال: هذا الكوثر الذي خبأ لك ربُّك).
هذا رمز بشارة بأن النِّيل والفرات يصيران من جُملة مملكة أمته قريبًا، وينتشر حولهما دينه. وقد نبه إلى ذلك قول جبريل في «هذا الكوثر الذي خبأ لك ربك»، فعلم أن ما عرض عليه من الأنهار ما عرض عليه إلا لأنه صائر إليه وإلا لم يكن وجه للعرض.
وإنما خصَّ جبريل بالبشارة نهر الكوثر دون النيل والفرات؛ لأن الهمة الملكية والهمة النبوية أشد تهممًا بخير الآخرة منها بخير الدنيا وفي كل ذلك خير.
* * *
وهذا آخر ما لاح لي التنبيه عليه من شرح ما أغلق من أحاديث صحيح البخاري وسأقفيه بما عسى أن يلوح لي مما لم أذكره إن شاء الله تعالى.