للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحد؛ وشبه النهي: لأضربن أحداً يقول ذلك، المعنى: لا يقل أحد ذلك، ذكره الفراء أيضاً في كتاب الحد، وساقه مساقاً يشعر بشهرته.

واحترز بالمحض من أليس ونحوه، فلا تقول: أليس أحدٌ يفعل؟ قال المصنف: ومن: ما زال ونحوه، فلا تقول: ما زال أحدٌ يفعل.

وهذا هو مذهب الفراء، وهو الصحيح، وأجازه الكسائي في المستقبل نحو: ما يزال أحد يقول ذلك؛ وأجازه هشام فيه وفي الماضي.

والمراد بأحد في هذا الاستعمال من يعقل على سبيل الإحاطة، ولذا لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث ولا يعرف، لأنه قصد به حالة واحدة، بخلاف رجل ونحوه من النكرات، فإنه وإن استعمل في النهي والنفي للعموم، فإنه يصح أن يراد به الوحدة أيضاً.

(ولا يقع بعد إيجاب يراد به العموم، خلافاً للمبرد) - نص سيبويه وغيره على أن أحداً هذا لا يقع في الإيجاب، وأجاز المبرد ذلك عند العموم، وجعل منه: قام كل أحد، وقال غيره: إن أحداً هذا ليس هو المختص بالنفي، بل بمعنى واحد، وعم بكل، ومادة هذا واو وحاء ودال، ومادة المختص بالنفي همزة وحاء ودال.

وظاهر كلام المصنف ان هذا المختص بالنفي هو المستعمل في التنييف؛ وكلام غيره على خلافه، والذي للتنييف عندهم هو الذي فاؤه واو أبدل منها الهمزة. وقضية كلام المصنف في توافقهما أن تقول بقول المبرد، أعني إجازة وقوعه في الإيجاب العام، إلا أن تقول إن الاستقراء اقتضى أنه لا يستعمل للعموم إلا مع غير الإيجاب، وهو منتقض بإفادته العموم في: كل أحد يقول ذلك، ولا ينكر أن هذا من كلامهم؛ ويجاب عن هذا بأن العموم لكل، وعموم أحد تبع له في ذلك، فخالف: ما قام من أحد. فالحاصل أن الاستقراء على أن أحداً لا يفيد بنفسه العموم إلا في غير الإيجاب؛ وإذا انتهى البحث إلى هذا هان الأمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>