الخفض وجه آخر لم أر أحدًا من أهل العلم تكلم عليه، وهو أن يكون التقدير وجميع أرجلكم أو نحو ذلك من الكلام مما يكون منصوبًا معطوفًا على أيديكم، ثم حذف ذلك، وبقي المضاف إليه على جره لما في قوة الكلام من الدلالة عليه. وإلى هذا ذهب أبو علي الفارسي رحمه الله في قول الشاعر:
رحم الله عظمًا دفنوها ... بسجستان طلحة الطلحات
على رواية من روى أن طلحة بالخفض كأنه قال أعظم طلحة ثم حذف أعظم وترك المجرور على حاله، يتحصل فيما هو الغرض في الرجلين أربعة أقوال، أحدها: الذي عليه الجمهور أن الفرض هنا الغسل، والحجة له القراءة بالنصب. وأما القراءة بالخفض فتخرج على وجوه ذكرناها. والثاني: أن الفرض فيهما المسح ولا يجوز الغسل، وإن مسح البعض أجزأه على قولهم. وقد ذكرنا من يقول هذا القول وحجته. والثالث: أن فرضهما الغسل والمسح معًا. والرابع: التخيير بين الغسل والمسح، وهو مذهب بعض المتكلمين، وإليه ذهب ابن جرير.