للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقالت رابعة: إن أولياء الله إذا قضى لهم شيئًا لم يسخطوه.

وقال يحيى بن معاذ: لو أحببت ربك ثم جوعك وأعراك لكان يجب أن تحتمله وتكتمه عن الخلق فقد يحتمل المحب لحبيبه الأذى فكيف وأنت تشكوه فيما لم يضعه بك، وفي هذا قيل:

ويقبح من سواك الفعل عندي ... وتفعله فيحسن منك ذاكا

وكان على بن بابويه الصوفي في الطواف فهجمت القرامطة على الناس فقتلوهم فأخذته السيوف فلما وقع تمثل بهذا البيت:

ترى المحبين صرعى في ديارهم ... كفتية الكهف لا يدرون كم لبثوا

واستشهد لبعض السلف ولدٌ في الجهاد فجاء الناس يعزونه فبكى وقال: ما أبكي على موته، إنما أبكي كيف كان رضاه عن الله حين أخذته السيوف. وفي هذا المعنى يقول القائل:

إن كان سكان الفضا ... رضوا بقتلي فرضا

والله لا كنت لما ... يهوى الحبيب مبغضا

صرت لهم عبدًا وما ... للعبد أن يتعرضا

وسُئل يوسف بن الحسين: ما بال المحبين يتلذذون بالذل في المحبة، فأنشأ يقول:

ذل الفتى في الحب مكرمة ... وخضوعه لحبيبه شرف

وقال آخر:

ما لي تطاوعني البرية كلها ... وأطيعهن وهن في عصياني

ما ذاك إلا أن سلطان الهوى ... وبه قوين أعز من سلطاني