للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال المحقق (١): وهذه الأقوال كلها حق ولا تنافي بينها، واعلم أن اللوامة نوعان: لوّامة ملومة، وهي النفس الجاهلة، الظالمة التي يلومها الله وملائكته، ولوّامة غير ملومة وهي التي لا تزال تلوم صاحبها على تقصيره في طاعة الله، مَع بذل جهده فهذه لوّامة غير ملومة، بخلاف الأولى فإنها تلوم صاحبها والله يلومها.

قال المحقق (٢): وأشرف النفوس من لامت نفسَها في طاعة الله، واحتملت ملام اللائمين في مرضاته، فلا يأخذها في الله لومة لائم. وأمّا النّفس الأمّارة فهي المذمومة فإنها تأمر بكلّ سُوء وهذا من طمعها، إلا ما وفّقها الله وثبتّها وأعانها وَمَن يخلص مِن شرّ نفسه، غير من وفّقه الله كما قال تعالى حاكيًا عن زليخا: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥٣)} [يُوسُف: الآية ٥٣] وقال: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا} [النُّور: الآية ٢١] فالنفس المطمئنة قرينها الملك، والنّفْس الأمّارة قرينها الشيطان، فنسأل الله العافية والتوفيق، فإنّه وليّ التوفيق.

فَإنْ قُلْتَ هل تتلاقى أرواح الموتى وتتزاور وتتذاكر أم لا؟ قُلْتُ: أجاب عن هذه المسألة الإمام المحقّق وقال: إنّها مسألة شريفة كبيرة القدر.


(١) "الروح" ص ٣٣٨.
(٢) "الروح" ص ٣٣٩ بتصرف.