للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإسلام ابن تيميّة قدّس الله روحه، وممّن ذهب إلى تقدّم خلقها محمد بن نصر المروزي، وأبو محمد ابن حزم الظاهري، وحكاه إجماعًا.

وذكر المحقق أدلّة القولين في كتابه "الرّوح"، وظاهرُ كلامه بل صريحه أنّ الجسد خلق قبل الروح، ومن أدلّة هذا القول قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: "إنّ خلق ابن آدم يجمع في بطن أمه أربعين يومًا دَمًا، ثمّ يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح" (١). فالملك وحده يرسل إليه فينفخ فيه فإذا نفخ فيه، كان ذلك سبب حدوث الروح فيه ولم يقل يرسل الملك إليه بالروح، فيدخلها في بدنه فإنما أرسل إليه الملك فأحدث فيه الروح بنفخه فيه، لا أنّه سبحانه أرسل إليه الروح التي كانت موجودة قبل ذلك بالزمان الطويل، مع الملك ففرق بين أن يُرسل إليه الملك فينفخ فيه، وبين أن يُرسل إليه روحًا مَخلوقة قائمة بنفسها مع الملك، وقال فى موضع آخر، وأما "حديث خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام"، فلا يصحّ إسنادُه وذكر علّته (٢).

وقال الإمام المحقق في كتابه "روضة المحبين ونزهة المشتاقين": إنّ القول بأنّ الأرواح خلقت قبل الأجساد، قول فاسد وخطأُ صريح بل القول الصّحيح، الذي دلّ عليه الشّرع والعقل، أنّ الأرواح مخلوقة مع الأجساد، وأنّ الملك ينفخ الروح في الجسد، إذا مَضى على


(١) رواه من حديث ابن مسعود رَضي الله عَنْهُ: البخاري (٣٢٠٨) و (٣٣٣٢) و (٧٤٥٤) ومسلم (٢٦٤٣).
(٢) ينظر كتاب الروح (١٦٠) من رواية عمرو بن عبسة وأما رواية على فذكرها ابن الجوزي في الموضوعات (١/ ٤٠١) وحكم عليه بالوضع.