كانت مدة خلافة علي (ض) أربع سنين فقط، ثم أقبل معاوية وتولى سلطة الحكم، وحكم البلاد الإسلامية لمدة طويلة امتدت إلى عشرين سنة متوالية، وقد توفيت عائشة (ض) قبل انتهاء زمن حكمه بسنتين، وأمضت ثماني عشرة سنة من عمرها في عهد معاوية (ض)، بكل هدوء وسكوت تام، إلا في بعض الأحوال.
وذات مرة أقبل معاوية ودخل على عائشة (ض) فقالت له: أما خفت أن أقعد لك رجلا فيقتلك؟ فقال: ما كنت لتفعلين وأنا في بيت أمان، وقد سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: يعني الإيمان قد الفتك، كيف أنا في الذي بيني وبينك؟ وفي حوائجك؟ قالت: صالح، قال: فدعينا وإياهم حتى نلقى ربنا عز وجل (١).
كان حجر بن عدي (ض) من أصحاب علي (ض) ورئيس الفرقة العلوية في الكوفة. وأعظم القضايا التي اشتد فيها إنكار عائشة (ض) على معاوية، هي قضية قتل حجر بن عدي وأصحابه، وقد أرسل والي الكوفة سائر أفراد هذه الفرقة إلى دمشق وكان منهم حجر، وهو من قبيلة كندة اليمنية، ورغم وجود هذه الفرقة في الكوفة لم ينهض أحد منهم لمساعدة حجر ومؤازرته وإنقاذه من أيدي الأعداء، وكان (ض) يوقره العلماء والصلحاء ويجلونه ويحترمونه، فشق عليهم ذلك، وسمعت عائشة فبعثت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام إلى معاوية في حجر وأصحابه فقدم عليه، وقد قتلهم، وقالت: لولا أنا لم نغير شيئا إلا آلت بنا الأمور إلى أشد مما كنا فيه لغيرنا قتل حجر، أما والله إن كازما علمت لمسلما حجاجا معتمرا.