للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجنس العاشر: علة رواية الحديث عن عدد من الشيوخ بلفظ وسياق واحد.

وتنشأ هذه العلة عندما يروي أحد الرواة حديثاً واحداً، ثم يأتي به على سياق واحد، ومعلوم أنَّ الرواة يختلفون في السياق، وهذا يعني أنَّه أدخل الأحاديث المختلفة في سياقٍ واحدٍ، وهذه علامة على عدم الحفظ، وهي من أدق أجناس العلل وأصعبها.

وقد أوضح الحافظ ابن رجب هذه الظاهرة فقال: "وقال أبو يعلى الخليلي في كتابه الإرشاد: " ذاكرت بعض الحفاظ قلت: لِمَ لَمْ يُدخل البخاري حماد بن سلمة في الصحيح؟.

قال: لأنَّه يجمع بين جماعة من أصحاب أنس، يقول: أخبرنا قتادة، وثابت، وعبدالعزيز بن صهيب عن أنس، وربما يخالف في بعض ذلك.

فقلت: أليس ابن وهب اتفقوا عليه وهو يجمع بين أسانيد، فيقول: أخبرنا مالك، وعمرو بن الحارث والأوزاعي، ويجمع بين جماعة غيرهم؟!.

فقال: ابن وهب أتقن لما يرويه وأحفظ. ومعنى هذا أن الرجل إذا جمع بين حديث جماعة وساق الحديث سياقة واحدة فالظاهر أن لفظهم لم يتفق، فلا يقبل هذا الجمع إلا من حافظ متقن لحديثه يعرف اتفاق شيوخه واختلافهم، كما كان الزهري بين شيوخ له في حديث الإفك وغيره" (١).

وقد أعلَّ الدارقطني بهذه العلة بعض الأحاديث نذكر منها على سبيل المثال:

المثال الأول: قال الإمام البرقاني: " وسئل - الدارقطني - عن حديث الأحنف بن قيس عن أبي بكرة - رضي الله عنه -: قال رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا ...)) (٢). الحديث.


(١) ابن رجب: شرح علل الترمذي، (ص٤٥٣ - ٤٥٤).
(٢) متفق عليه: أخرجه البخاري في الجامع الصحيح (مع الفتح)، كتاب الإيمان، باب (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما)، (ج١/ ص١٠٧)، برقم (٣١)، ومسلم، في الجامع الصحيح (مع شرح النووي)، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب إذا تواجه المسلمان بسيفيهما، (ج٩/ص٢٣٧)، برقم (٢٨٨٨)، كلاهما من طريق حماد بن زيد حدثنا أيوب ويونس عن الحسن عن الأحنف بن قيس عن أبي بكرة به، على الوجه الصحيح.

<<  <   >  >>