للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• إنّما قال ذلك؛ لأنَّ الله ﷿ قال: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة:٢٧٥]، فبيع كلّ معلومٍ جائزٌ، نقداً ونسيئةً، إلى أجلٍ قريبٍ أو بعيدٍ، لعموم إباحة الله تعالى ذلك بقوله: ﴿إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾ [البقرة:٢٨٢].

فهذا وجه قول مالكٍ: إنَّ السلم يجوز إلى الأجل القريب والبعيد.

ويحتمل أن يكون أراد أجلاً تختلف في مثله الأسواق، وليس هو ظاهر قوله في هذا الموضع.

وحكى ابن القاسم عن مالك: «إنَّهُ لا يجوز السلم إلّا إلى أجلٍ تختلف فيه الأسواق» (١).

ووجه هذا القول: هو أنَّ السلم إنّما أجيز مع كون الغرر فيه؛ لدخول الرفق على البائع والمشتري جميعاً؛ لأنَّ البائع يقدر أن يشتري ما باعه وقت حلوله بأرخص مما باعه، والمشتري يقدر أن يغلو ما أسلم فيه وقت حلوله، فمتى كان ذلك حالَّاً، زال هذا المعنى عنه.

والنبيُّ إنّما أجاز السلم على وصفٍ ما، وهو أن يكون إلى أجلٍ معلومٍ، فمتى عَرِيَ من الأجل المعلوم، لم يجُز، كما أنَّهُ متى عَرِيَ من الكيل أو الوزن أو العدد لم يجز، وقد نهى النبيُّ حكيماً عن بيع ما ليس عنده (٢)، وأرخص في السلم.


(١) ينظر: المدونة [٣/ ٧٩].
(٢) أخرجه أبو داود [٤/ ١٨١]، والترمذي [٢/ ٥١٤]، وابن ماجه [٣/ ٣٠٨]، والنسائي في الكبرى [٦/ ٥٩]، من حديث حكيم بن حزام قال: «يا رسول الله، يأتيني الرّجل فيريد مني البيع ليس عندي أفأبتاعه له من السوق؟، فقال: لا تبع ما ليس عندك»، وهو في التحفة [٣/ ٧٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>